للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالد، وكادت خطة الفرنسيين تنجح عندما ظهرت فئة (المطورنين) التي رضيت بالتجنس والزواج المختلط وعضوية الماسونية، واعتبرت أن الجزائري الحقيقي هو الذي عرف حق فرنسا عليه وانفصل عن جذوره الخاوية، كما يقولون، وتعلق بالأغصان اليانعة التي تمثلها الحضارة الفرنسية. هذه هي الملاحظة الأولى على نشاط محمد بن رحال، أما الملاحظة الثانية فهي أن جهوده، رغم قيمتها وقوتها كانت فردية، فهو يكتب ويسافر ويتكلم بصوته وحده تقريبا. فكأنه أديب رومانتيكي متطرف، رغم أنه كان يمثل إلى حد كبير روح الشعب وتطلعاته، كما قلنا. شارك في الجمعيات والنوادي ولكنه لم يؤسسها. ونصح وساهم في تحرير الجرائد ولكنه لم يرأس تحريرها. وحين ظهرت حركة الأمير خالد كان ابن رحال يدب إلى السبعين إذ توفي سنة ١٩٢٨ عن ٧١ سنة (١).

الحكيم محمد بن العربي: وكانت مواقف الحكيم محمد بن العربي شبيهة بمواقف ابن رحال فيما نحن بصدده. فهو أيضا من الذين أيدوا ليكونوا وسطاء، من الجيل الثاني الذي نشأ في العهد الفرنسي وتلقى ثقافة مزدوجة وتحصن بالدين وتعلم الطب في الجزائر وباريس. ومع ذلك كان صوت الشعب المضطهد في مناسبات عديدة. ولد في شرشال سنة ١٨٥٠ وتلقى فيها مبادئ القراءة والكتابة والدين والقرآن. ثم انتقل إلى العاصمة ودخل المدرسة العربية - الفرنسية ثم مدرسة الطب، ونال شهادة الدكتوراه من باريس. وعرف إلى جانب الفرنسية اللغة اليونانية واللاتينية. وكان من أصدقائه في باريس الأديب فيكتور هوغو. وبعد رجوعه إلى الجزائر اشتغل طبيبا بعيدا عن العاصمة، ثم دعاه أهلها إلى العمل بها فرضيت السلطات وحولته. ولكن عمله لم يكن هو الطب فقط، بل دخل الحياة السياسية المحدودة عندئذ، وهي النيابة في البلدية.


(١) نوه الشيخ البشير الإبراهيمي بدور محمد بن رحال في المحاضرات التي كتبها عن الجزائر وألقاها على طلاب معهد البحوث والدراسات العربية - القاهرة ١٩٥٥. انظر (آثار الشيخ الإبراهيمى) ج ٥ (مخطوط).

<<  <  ج: ص:  >  >>