للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك تمشيا مع حضارتها وتقاليدها الإنسانية.

٦ - ألمع الأسماء في تاريخ الجزائر (؟) هي أسماء الدوق أورليان، وبوجو، وماكماهون، وشانزي، وجونار. إنها (أسماء مجيدة) - كما قال.

٧ - فتحت فرنسا أيضا صفوف جيشها للجزائريين وجاءت بفرق من المعلمين، وشجعت المهن الحرة والمجالس النيابية للجزائريين.

ومن أجل ذلك أصبح الفرنسيون في نظر ابن حمودة، حماة للجزائريين وأصدقاء لهم، بالإضافة إلى أنهم هم المنتصرون والأسياد. إنهم في الجزائر (من أجل مصالحنا). إن كل شيء قد تغير في الجزائر بفضل الجهود الفرنسية. حتى القضاة المسلمون سيتغيرون تبعا للقضاة الفرنسيين. وها هي الآن تتكون (نخبة) خضعت للتأثير الفرنسي وهي تفيض بحب فرنسا وتسبح بحمدها. وقد ختم ابن حمودة خطبته العصماء بهذا الهتاف الذي لم يسمعه الفرنسيون ولم يبالوا به، ولكن سمعه التاريخ ووعاه، وهو الدعاء لفرنسا بطول العمر، وبالمجد والعظمة (١)!).

ويجب ألا ندهش من هذا، لأن ما كانت تخفي صدورهم أكبر. وهذا الذوبان الذي يبديه ابن حمودة المتخرج من المدرسة الشرعية - الفرنسية أثناء سيطرة المستشرقين عليها، ما هو إلا ظاهرة طبيعية لإنجازات المخطط الفرنسي منذ البداية. ولعل حالة ابن حمودة، وهي غير شاذة، تبرر موقف أغلبية الجزائريين الذين فهموا منذ البداية أيضا أن المدرسة الفرنسية ستخرج أولادهم على هذا النحو من الانسلاخ. وقد تبين أن الخطة ليست هي التعليم في حد ذاته، أو تعليم العلوم باللغة الفرنسية كما فهمها البسطاء والجهلة من أمثال مصطفى بن السادات ومحمود بن الشيخ علي، وحتى حسن بن بريهمات، ولكن تذويب الإنسان الجزائري ومحو شخصيته حتى يصبح كالسكران يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول.


(١) مجلة العالم الإسلامي، ديسمبر ١٩١٠، ص ٦٣٢ - ٦٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>