فقرر انشاء جمعية أو نقابة للمعلمين الأهالي خلال ١٩٢١، وصادف ذلك ظهور حركة الأمير خالد وظهور بعض الصحف الأهلية مثل الإقدام والنجاح. وقيل إن الشرطة قد عاكست هذه الجمعية وحاولت إعاقتها عن العمل، وعارضتها السلطات الرسمية. وبعد سنة اقترح الفاسي على الأعضاء إنشاء صحيفة تعبر عن آرائهم وموقفهم مما يجري حولهم ومن مستقبلهم، فكان أول عدد من مجلة (صوت المستضعفين) في مايو ١٩٢٢. وقد قدر لها أن تستمر ثماني عشرة سنة، وكانت قد بدأت شهرية ثم تحولت إلى نصف شهرية. ويقول هذا المصدر إن الفاسي قد أنشأها وحده، ولكن مالك بن نبي يقول إن الذي أنشأها هو طاهرات الذي كان من (أمناء الروح العلمانية)، حسب تعبيره (١).
وخلال العشرينات كانت الأطروحة الوحيدة الرئيسية التي تعالجها المجلة هي الاندماج. فقد كانت تدعو الجزائريين (الأهالي) إلى اليقظة والتعلم وتطوير أنفسهم، وتدعو الأوربيين (الفرنسيين) إلى القيام بواجباتهم نحو الأهالي، وذلك بأن يرفعوهم إلى مستواهم. وتساءلت افتتاحية المجلة: هل ذلك حلم؟ وأجابت بأنه غير حلم، بل يجب أن يكون واقعا. وقالت المجلة إنه إذا تحقق ذلك فسيكون الجزائريون (امتدادا) لفرنسا عبر البحر الأبيض، وطالبت أن يكون الاندماج كاملا، قائلة إنه إذا بقيت بعض الجماعات متمسكة بدينها (غير متجنسة) وعاداتها فمن الممكن أن تصبح أيضا فرنسية، تعمل على تشكيل شعب فرنسي محض على هذه الأرض الجزائرية، وليس فقط إنشاء حضارة لاتينية، كما دعا إليها الكاتب لويس بيرتراند. وكان هدف (صوت المستضعفين) إذن هو التقارب والاندماج ومزج الأجناس في الجزائر من خلال التعليم والتفاهم والزواج المختلط لإنتاج جيل راق من الجنسين: الجزائري والفرنسي.
(١) مالك بن نبي (الطفل)، ط. دمشق، دار الفكر، ١٩، ص ٥٢.