للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمهارة في التوثيق والدقة في العمل وصحة النظر.

وقد اشتهرت قسنطينة ببعض النساخ والخطاطين حتى قارنهم بعض الكتاب بابن مقلة في حسن الخط. ومن هؤلاء أبو عبد الله بن العطار الذي كان من أسرة شهيرة تولت الوظائف الرسمية في العهد العثماني. وقد عرف العطار بجودة الخط وربما اشتهر به على ابن مقلة. وكان يقصده الخاص والعام في الوثائق والعقود (١). وكذلك اشتهر الشيخ إبراهيم الحركاتي. فقد كان مدرسا بالمهنة، ولكنه اشتهر أيضا بالنساخة وحسن الخط حتى أصبح مشهودا له بذلك (٢). واشتهر محمد الزجاي بالنساخة حتى أصبح له فيها مهارة وطاقة كبيرة. ومن مهارته أنه كان (يكتب ويحدث الجالس بدون كلل ولا زلة قلم) (٣). ولا شك أن الزجاي، الذي سنتحدث عنه في مكان آخر، كان ينسخ الكتب لنفسه. وذكر الورتلاني أن أحمد التليلي كان بديع الخط سريع اليد، وأنه كان ينسخ كراسا من القالب الكبير أثناء السفر. أما يوم الإقامة فكان ينسخ أكثر من ذلك. وأخبر عنه أنه كتب في برقة رحلة الدرعى وكتاب الصباغ عن الملياني (٤)، وجميع ذلك حوالي ستين كراسة. وكان التليلي من علماء الظاهر والباطن. وقد رافق الورتلاني في حجته الأولى سنة ١١٥٣ (٥).

وكان النسخ يتم بالخط الأندلسي الذي قال عنه ابن خلدون إنه قد تغلب على الخطوط الأخرى في المغرب العربي، وهو المعروف اليوم بالخط المغربي. وبالإضافة إلى ذلك جاء مع العثمانيين الخط المعروف


(١) عبد الكريم الفكوون (منشور الهداية) مخطوط.
(٢) نفس المصدر.
(٣) (إتمام الوطر) مخطوط باريس.
(٤) يقصد به (بستان الأزهار) الذي سنتحدث عنه. وهو من الحجم الكبير.
(٥) الورتلاني (الرحلة)، ١١٩. وأحمد التليلي هو أحد أجداد الشيخ محمد الطاهر بن بلقاسم التليلي، عالم بلدة قمار اليوم. وقد رأيت لحفيده، قاسم التليلي، عدة تقاييد بخطه وتوقيعه. وهي في مكتبة السيد الصادق قطايم بقمار، كما أن حفيده الشيخ محمد الطاهر المذكور نسخ منها ما يتعلق بتاريخ قمار ورجالها.

<<  <  ج: ص:  >  >>