للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت تركيا والمغرب أيضا من البلدان التي اقتنى منها الجزائريون المخطوطات. فقد ذكر الكاتب الفرنسي لالوي أن المخطوطات التي جمعها بير بروجر من قسنطينة كانت جميلة كثيرا في الشكل والتجليد، وأنها كانت واردة من مصر وتركيا (١). ومن جهة أخرى ذكر ابن حمادوش في رحلته إلى المغرب أنه قد اشترى ونسخ مجموعة من الكتب هناك مع ذكر أثمانها وأسمائه (٢). وهناك كتب وردت مع العثمانيين أنفسهم إلى الجزائر. فالدراويش الذين كانوا يرافقون الجنود أحيانا وكذلك القضاة الذين كانوا يعينون من إسطانبول في بادئ الأمر، كانوا يصطحبون معهم مكتباتهم الخاصة أو على الأقل بعضها. كما أن طائفة من علماء آل عثمان قد زاروا الجزائر، كما سنرى، وحملوا معهم أوراقهم ووثائقهم من إجازات ورسائل وتآليف. وأهم ما جاء الجزائر عن طريق العثمانيين هي كتب الفقه الحنفي ونسخ كثيرة من صحيح البخاري ومختصراته، كمختصر ابن أبي جمرة وكتب الأدعية والأذكار الصادرة عن الطرق الصوفية المزدهرة عندئذ في إسطانبول والمشرق كالبكداشية والمولوية والقادرية. ونفس الشيء يقال عن كتب المغرب الأقصى التي كان يحملها علماء الجزائر الذين درسوا هناك وعلماء المغرب الذين زاروا الجزائر وأقاموا فيها (٣).

٢ - وتختلف طرق اقتناء الكتب ومنها الاستنساخ والنسخ. ذلك أن الحريصين على جمع الكتب كانوا ينسخون الكتب بأنفسهم أو يستنسخون غيرهم، مثل تلاميذهم إذا كانوا أساتذة أو كتابهم إذا كانوا أمراء ومسؤولين. وكان بعضهم يستنسخ الأصدقاء وحتى المؤلفين أنفسهم. وقد شاعت حركة النسخ والاستنساخ في الجزائر حتى أنه كان لها اختصاصيون مشهورون. ومن شروطها جودة الخط وحسن اختيار الورق واتقان صناعة الوراقة والسرعة


(١) لالوي (المجلة الأفريقية)، ١٩٢٥، ١٠٧.
(٢) ابن حمادوش (الرحلة)، مخطوط.
(٣) انظر الفصل الخامس من هذا الكتاب فقرة هجرة العلماء وعلماء المسلمين في الجزائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>