للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتجاها نحو الغرب، وجدت (القبائل) أكر عنادا وصلابة وقدرة على الحرب، ويعني بالغرب الأرض الممتدة من شرشال إلى المحيط. وتأثر رأى ديفري بالنسبة لعرب الصحراء والسهول الخصبة بوثيقة بوجو، إذ قال إنها لا تحول دونهم سوى الجبال المانعة كالأوراس والظهرة وجرجرة والونشريس حيث كان يسكن القبائل (البربر؟)، الذين لهم نظام اجتماعي وحدود طبيعية متميزة. وقد كرر ديفري نفس الأوصاف التي جاءت في وثيقة بوجو حول خصائص كل (جنس)، مضيفا، أن الاستبداد السياسي الذي فرضه الإسلام (!) قاومته هذه الجبال الصلبة. وقال ديفري إن هناك عداوة زمنية متبادلة بين السكان لم تعرف فرنسا كيف تستفيد منها سياسيا. ولا شك أنه ظن أنه كان يقدم بذلك نصيحة غالية لبلاده (١).

ويكاد رأي ديفري يكون هو الرأي الذي انتهى إليه العقيد كاريت أيضا، وهما متعاصران. ففي رأي كاريت أن السكان القبائل هم المنحدرون من السكان الإفريقيين القدماء، وربما من الوندال (النورديك) أيضا، أو من المسيحيين الأولين. ونظرا لهذا الأصل غير المؤكد لغويا، أو عرقيا، أو دينيا، ولنظمهم الديموقراطية، فإنهم في نظره هم الحلفاء الطبيعيون للفرنسيين (٢). وقد بينت حوادث الخمسينات والسبعينات من القرن الماضي وغيرها أن العقيد كاريت كان يبني أوهامه على الرمال وأن الأسطورة التي كان ينسجها حول هذا التحالف غير الطبيعي كانت أضغاث أحلام. ذلك أن الفرنسيين قد واصلوا منذ ١٨٦٠ مناقشاتهم في الصحف عما يفعلون بالقبائل (البربر)، هل يبعدونهم تماما عن أراضيهم أو يبقونهم ويفرنسونهم (٣). وسوف تستمر هذه المناقشات إلى فترة ما بين الحربين العالميتين، ولكنها لم تسفر على طائل، وعلينا الآن أن نعرف ماذا حدث بالضبط.


(١) فورتان ديفري (الجزائر) في مجلة الشرق، ١٨٤٥، ص ٦٢ - ٦٤.
(٢) نقلت ذلك آن تومسون (بلاد البربر ...) مرجع سابق، ص ٨٧.
(٣) كوك، ج. (الاحتلال والاستعمار في شمال إفريقية)، ص ٢٣، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>