للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه الأثناء (١٨٤٤) أرسلت الحكومة الفرنسية المهندس هنري فورنيل في مهمة للجزائر. ورغم أن مهمته كانت هي البحث عن المناجم وكيفية استخراج المياه الجوفية، فإن فورنيل أبى إلا أن يكتب عن تجربته في الجزائر التي زارها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، رغم الوضع غير المستقر. ثم ألف كتابه عن احتلال العرب لإفريقية الذي يسميه المسلمون (الفتح الإسلامي)، وانتهى فيه إلى أن العرب قد فشلوا في مهمتهم (١). وهذه الأطروحة كانت تتماشى مع أطروحة السياسيين والعسكريين الفرنسيين الذين يعتبرون أنفسهم الوحيدين من الأجانب، بعد الرومان، الذين نجحوا في احتلال الجزائر. أما العرب والأتراك، مثلا، فكلهم كانوا من الفاشلين. وهو رأي كان يؤيده أيضا رجال الكنيسة الذين كانوا يريدون إلغاء الاثني عشر قرنا من الإسلام، والرجوع بالجزائر إلى عهد الكنيسة الإفريقية - الرومانية.

والمهم عند الفرنسيين عندئذ هو إيجاد عداوة محلية يوظفونها داخل صفوف أعدائهم وليس البحث (العلمي) السلالي أو اللغوي في حد ذاته. فالتوصيات التي كانت تصدر من الكتاب مبنية على أن القبائل هم أقرب من العرب في التحالف مع الفرنسيين. وبذلك يمكن للفرنسيين أن يكسروا الحلقة التي تطوق عنقهم. وفي البحث عن العداوات داخل الصفوف الأهلية التي تكفل بها في الواقع كل مكتب عربي عسكري، جاء السيد فورتان ديفري F. d'IVRY بخلط عجيب في التسميات والخريطة الجغرافية عند حديثه عن سكان الجزائر، رغم أنه قد زارها وكتب عنها أثناء إدارة بوجو. فهو تارة كان يسمى الشاوية قبائل، وتارة يسميهم عربا يتحدثون اللغة العربية وتمتد رقعتهم في نظره إلى عنابة وقالمة والعين البيضاء، ويذهب تارة أخرى إلى أن عرب الصحراء كانوا ضد عرب التل، وأن هناك فروقا بين سكان شرق البلاد ووسطها وغربها. وكان يسمى الشاوية عرب الشرق. ويقول إنك كلما ازددت


(١) نقل ذلك عنه لويس رين في (بحث في الدراسات اللغوية والأثنولوجية عن الأصول البربرية) في المجلة الإفريقية، ١٨٨٩، ص ٩٧. وعن رحلة فورنيل إلى الجزائر انظر (مجلة الشرق)، باريس ١٨٤٥، ص ١٦٤ - ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>