فيها وبحث في موضوع المجتمع الجزائري في قسنطينة. وتولى إدارة الشؤون المدنية بإقليم وهران، وكان عضوا في مجلس الحكومة العامة بالجزائر، وهو أعلى سلطة تمثل الدولة الفرنسية وتساعد الحاكم العام في مهمته. وكان بدين الجسم وله صفة التسلط. وقد أسس سنة ١٨٥٠ جريدة (الأطلس)، وكانت آراؤه متعارضة تماما مع آراء إسماعيل (توماس) أوربان حول الموقف الفرنسي من الجزائريين، رغم أنهما كانا ينتميان إلى مدرسة سان سيمون، وكذلك متضاربة مع آراء لاكروا، بل أصبح وارنييه خصما لهما.
ولكن وارنييه ارتبط بصداقة شارل دو فيرييه الذي كان يسمي نفسه (شاعر الله) والمؤمن أيضا بفكر سان سيمون. وكان شارل دوفيرييه هو والد هنري دوفيرييه، صاحب الرحلة الصحراوية الشهيرة، وهو (هنري) الذي عالجه د. وارنييه وأنقذ حياته. كما ارتبط وارنييه بالمحامي لوسيه الذي طردته حكومة الجمهورية الثانية سنة ١٨٤٨ من فرنسا إلى الجزائر، وتولى مسؤوليات في قسنطينة، منها اللجنة الفلاحية والكتابة في جريدة (المستقبل) التي اشتراها بعد ذلك، وأصبح هو المتكلم (أي لوسيه) باسم الكولون في قسنطينة، وكان معارضا بشدة، مثل د. وارنييه، لسياسة المكاتب العربية العسكرية. لقد كان وارنييه يؤيد سياسة الاحتلال الكامل للجزائر، ومن أجل ذلك نصب نفسه خصما للعسكريين من جهة ولسياسة المملكة العربية التي أعلن عنها نابليون من جهة أخرى. وأصبح وارنييه هو زعيم المعادين للعرب، وهم الذين أطلق عليهم اسم (الأرابوفوب) و (الأرابوفاج) - arabophages -. وقد نشط هؤلاء بإصدار الكتيبات وبالحملات الصحفية ضد العرب وضد مشروع المملكة العربية، خلال فترة الستينات (١).
رجع د. وارنييه إلى إحصاءات زميله العقيد كاريت فوجده يقول إن عدد العرب الخلص في الجزائر قليل وأن من يسمون بالعرب إنما هم بربر قد تعربوا. وبناء على رأي كاريت فإن عدد العرب في القرن ١٦ كان حوالي ٩%
(١) بيلي (عندما أصبحت الجزائر ...) مرجع سابق، ص ١٢٨.