من عدد السكان، وهم حوالي مليون عند تأليف كتابه (القرن ١٩). أما وارنييه فقد صحح الأرقام وقال إن عدد العرب أقل من ذلك في نظره، فهم لا يتجاوزون نصف المليون، أما باقي السكان فهم بربر قد تعربوا أو بربر غير متعربين. وأورد وارنييه نص رسالة من صديق (للمؤرخ) هنري مارتن بعث بها إلى رئيس تحرير جريدة (الرأي الوطني) ووصف فيها العرب بأنهم نوماد (بدو) محتلون لم يستطع الزمن أن يعطي الشرعية لاحتلالهم لأنهم، في نظره، لم يؤسسوا شيئا ولم يخصبوا شيئا. والعرب في نظر مارتن، لهم نظام شيوعي (مشترك/ قبلي) وارستقراطي في نفس الوقت، وهو نظام عدو (!) ليس له ما يستحق عند الفرنسيين من الاحترام. ولذلك يجب تحطيمه، لأنه نظام يمنع من استرجاع الحضارة الإفريقية (؟). وقال مارتن إن هذا النظام هو فقط من مخلفات العدوان الوحشي (البرباري)(١).
وانطلق د. وارنييه في حملته المعادية للعرب. فحكم أولا بخطإ النظرية الفرنسية السائدة عند الاحتلال، وهي أن الكلمة (العرب) مرادفة لكلمة (المسلمين). وبخطإ النظرية القائلة بأن العرب هم الذين فتحوا الأندلس وأن المجد الأندلسي مجد عربي. ورأى أن التراث العربي في الفلسفة والأدب والعلوم لا ينسب إلى العرب وحدهم. وطعن فيمن ينتسبون إلى الأشراف والمرابطين. وطالب حكومته بوقف (التعريب)، لأن في الجزائر شعبين وليس شعبا واحدا، وكذلك طالب بالاعتراف بثلاث لغات فيها وهي: البربرية للبربر الخلص، والجزائرية للبربر المتعربين، والعربية الدارجة للعرب. أما اللغة الفصحى فلا كلام عليها، وقال إن كلمة (القبائل) تطلق في الدارجة على كل البربر، لأن القبائل فرقة هامة منهم. والمقياس عنده، وعند من اقتنع بنظريته، في معرفة من هو العربي ومن هو البربري، هو مدى الإيمان بالحضارة الأوروبية والتقرب من الفرنسيين. فالبربر هم المتفتحون على هذه الحضارة وهم الحلفاء الطبيعيون للفرنسيين، والعرب هم المتزمتون
(١) د. وارنييه (الجزائر أمام الامبراطور)، ص ٩ - ١٤.