للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمتعصبون والمبتعدون عن حضارة الفرنسيين.

وهاجم وارنييه العرب أيضا في جانب آخر. قال إن التاريخ يصور العرب على أنهم حملوا القرآن في يد والسيف في اليد الأخرى وأنهم بعد أن قتلوا ونهبوا ومروا كالسيل المخرب عبر شمال إفريقية وإسبانيا، جاء الأمراء البربر ورمموا الخرائب لأنهم إنما قبلوا بالإسلام لوضعه حدا للطائفية المسيحية فقط. وواصل د. وارنييه هجومه على العرب بقوله إنهم كانوا عامل اضطراب في شمال إفريقية. ولم يقدموا أي مساهمة تذكر للأتراك عندما اتخذوهم احتياطيين (١). واستعار د. وارنييه من العقيد كاريت أيضا عبارته في وصف بني هلال بأنهم خلفوا الحرائق والرماد، وخربوا المنازل وقلعوا الأشجار. وقوله أيضا إن ما تركته السياسة العربة قائا قد اقتلعته العبقرية العربية، وأن مرورهم قد ترك المدن خرابا، والخضرة يبابا، وأنهم نشروا الشقاء والوحشية - البربارية) (٢). وهذا في الواقع كلام غير جدول ولم يأت به كاريت ولا وارنيه وإنما ذكرته المصادر العربية نفسها. وقد استفاد منه الرجلان لتزويج نظريتهما العنصرية في شتم العرب والتمكين للسياسة الفرنسية في الجزائر، ولإشباع حقدهما على الإسلام وعلى حملة رسالته الأولى، كما أشرنا. وعلى فرض صحة المنسوب إلى بني هلال، وهو محل نظر وجدل، فليس كل العرب بني هلال.

وقد استمرت هذه الأطروحة بعد كاريت ووارنييه أيضا. فروج لها كتاب عسكريون تولوا مسؤوليات إدارية في مختلف أنحاء البلاد. وقد ذكرنا منهم أوكابان، وهانوتو، ثم جاء مدنيون وضربوا على نفس الوتر أيضا. ومنهم بوجيجا، وقوتييه، وماسكري. وانخدع بكلامهم بعض الجزائريين الذين تتلمذوا على أفكارهم، وأصبحوا يتحدثون عن الفوضى أو الخراب الذي كان قبل الفرنسيين، ثم عن الأمن والعمران الذي حصل بعدهم، وما


(١) لعله يحصد قبائل المخزن.
(٢) أخذه وارنييه من كتاب كاريت، مرجع سابق، ص ٤١٢ - ٤١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>