للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البربر والعرب معا. ولم نسمع، رغم الضجة الكبرى، بتخلي فرنسا عن جزء من أرض الجزائر لهذا الفريق أو ذاك لأنه في نظر كتابها كان أقرب إليها من غيره وأصدق في تحالفه معها من بقية المواطنين، بل إن فرنسا كانت تعاملهم على حد سواء. فهم (رعايا) فرنسيون أولا وهم (أندجين) ثانيا. وعند انتزاع الأراضي وتوزيعها على الكولون لا يسأل الجزائري هل أنت من السكان المستقرين أو من السكان الرحل، وعواقب الثورات كانت واحدة على الجميع. والغريب أن د. وارنيه الذي طالما امتدح البربر على هدوئهم بعد سنة ١٨٥٧، وعلى قربهم من الحضارة الفرنسية بحكم اتصالهم القديم بالرومان (؟) الخ. هو الذي نصب لهم المحاكم والمشانق بعد ثورة ١٨٧١ واغتصب أراضيهم وفرض عليهم الغرامات الثقيلة (١). ولعله قد راجع بعد ذلك نظرياته في الكتاب الذي كتبه تحت وطأة الحملة المسعورة ضد نابليون وحاشيته.

وبناء على وارنييه فإن البربر هم قدماء المسيحيين وقدماء الكولون للرومان، وهم الذين ما يزالون متعلقين بالممارسات والتنظيمات الرومانية. إنهم هم الشعب الإفريقي الساكن في المنطقة الممتدة من ليبيا وتونس والجزائر إلى المغرب، وتمتد مواقعهم إلى توات والتوارق وساحل السنغال، فهم عنده كل الجنس الأبيض القاطن وسط إفريقية. وقدر عددهم بعشرة ملايين على الأقل. وقال إن الجبليين منهم قد حافظوا على تقاليدهم الرومانية في نظره وعلى أصولهم، عدا الدين. أما سكان السهول منهم فقد تعرضوا للغزوات العربية مما أفقدهم روحهم المعنوية، حسب دعواه.

وزعم د. وارنييه من جهة أخرى، أن البربر كانوا مسيحيين وأنهم اعتنقوا الإسلام على مضض، وقد ظلت عقيدتهم فيه ضعيفة جدا. اختار بعضهم المذهبية حيثما ظهرت. وادعى أن البعض منهم يأكلون لحم الخنزير مع العمال الأوروبيين فى المزارع الفرنسية، رغم أن القرآن قد حرم ذلك.


(١) أصبح وارنييه من المسؤولين البارزين في الجزائر بعد قيام الجمهورية الثالثة. وبتلك الصفة أصدر قررات صارمة لمعاقبة ثوار سنة ١٨٧١. انظر ذلك فى محله.
أصبح وارنييه من المسؤولين البارزين في الجزائر بعد قيام الجمهورية الثالثة. وبتلك الصفة أصدر قررات صارمة لمعاقبة ثوار سنة ١٨٧١. انظر ذلك فى محله.

<<  <  ج: ص:  >  >>