للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد ظهور الحركة الإصلاحية ونشر التعليم العربي الإسلامي، قاومت الإدارة دخول الإصلاح إلى زواوة بمختلف الوسائل. ولكن الزواويين احتضنوا الإصلاح بعقيدة راسخة حتى نافست المدارس الإسلامية - العربية عندهم مدارس الآباء البيض والمدارس الحكومية الرسمية. ودخل علماء الزواوة المجلس الإداري لجمعية العلماء. ودافعوا عن العربية والإسلام بكل حمية. وعندما كثر الحديث في صحف الإصلاح وجمعية العلماء عن القومية العربية ظهر في الصحف الفرنسية الحديث عن القومية البربرية (والوطن القبائلي). ففي سنة ١٩٣٥ أخذت هذه الصحف تكتب عن مدرسة جزائرية معارضة للحركة الوهابية (ويعنون بها حركة الإصلاح). وقالوا إن الشاعر محند بن محند كان فيما يبدو يحلم (بوطن) قبائلي، وإن الحركة البربرية كانت تريد فصل الإسلام عن العروبة، وإن بعضهم كان يتحدث عن حزب قبائلي (١).

وكان سي عمر بوليفة قد أصدر سنة ١٩٢٥ كتابا، عنوانه (جرجرة عبر التاريخ) وأضاف إليه العنوان الفرعي: من أقدم العصور إلى ١٨٣٠، وعبارات تنظيم زواوة واستقلالها. ورغم أنه كان يتحدث عن عهد سابق للاحتلال فإن عبارة (استقلال) زواوة كانت لا ترضي الفرنسيين الذين كانوا يتحدثون عن قابلية أهل زواوة (القبائل) للاندماج في الحضارة الفرنسية والمجتمع الفرنسي، وكانوا يقولون عنهم إنهم أقرب من العرب والبربر الآخرين إلى المقاييس الفرنسية في التقدم. وأثناء ذلك كتب الشيخ محمد السعيد الزواوي (أبو يعلى) كتابه (تاريخ الزواوة) ونشره في دمشق (سنة ١٩٢٤) بعد أن حدد خطوطه العريضة في مشروعه سنة ١٩١٢ (٢).


(١) انظر (إفريقية الفرنسية)، يونيو (جوان)، ١٩٣٥، ص ٣٥٤. عن محند بن محند (محند أو محند) انظر مقالة رينيه باصييه، (أدب البربر، ص ٤٢٠.
(٢) انظر دراستنا عنه في (أبحاث وآراء) ج ٢. وقد تناولنا آراء الشيخ أبي يعلى في مكان آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>