أما حسني لحمق فقد أصدر كتابه (رسائل جزائرية) سنة ١٩٣١، وهي السنة التي توفي فيها عمر بوليفة. ويزعهم ديبارمي أن بوليفة ولحمق وكذلك إسماعيل حامد كلهم كانوا يبعدون البربر عن الإسلام ويضعونهم داخل إطار الحضارة الفرنسية. ونسب ديبارمي إلى لحمق قوله إنه يشعر بالقرب من سانت أوغسطين أكثر من قرب من عقبة بن نافع. وقد تأسف لحمق على أن الإسلام قد فرض فرضا على الجزائر. وذهب ديبارمي إلى أن جمعية العلماء قامت بالرد على هذا (المرتد) في نظرها، وقد اعتبره كاتبها العام، الأمين العمودي، من نتاج مدرسة الجزويت (اليسوعيين). وروى ديبارمي أن ابن باديس قد أثار تصفيقا واستحسانا حين قال:(إن ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان)، مشيرا إلى الرابطة الدينية القوية بين الجزائريين سواء خطبوا بالعربية أو بالقبائلية (وكان الشيخ يحيى حمودي، عضو جمعية العلماء قد ألقى كلمة بالقبائلية)، كما قال ابن باديس إن أبناء يعرب وأبناء مازيغ قد جمعهما الإسلام منذ قرون وإن وحدتهم قد عجنت بالدم عبر التاريخ المشترك.
وكان الفرنسيون قد نشروا، كما رأينا، نظرياتهم التي لا تقوم على بحث ولا تاريخ وإنما على مصلحة وغرض والتي مفادها أن البربر - والقبائل خصوصا - من الجرمان تارة، ومن السلتيين تارة، ومن الإغريق تارة، ومن الهندأوروبيين أخرى. ومن الذين ساروا في التشكيك في أصل البربر جوزيف ديبارمي، وهو ملاحظ معاصر ومحلل لمجريات الأمور. وكان من تلاميذ رينيه باصييه. وقد شكك ديبارمي في النظرية الشائعة منذ قرون، وهي أن البربر من بني كنعان، أي في وحدة أصولهم مع العرب، كما شكك في وحدة الدين لأن الحركة الإصلاحية في نظره كانت تدعو إلى (دين) الوهابية، وفي وحدة اللغة لأن العربية الفصحى في نظره أيضا، لا يفهمها الجميع، أما الدارجة فقال إنها مليئة باللهجات البربرية. واستشهد على ذلك بتجربة المسرح. وجاء ديبارمي بالأعراف المختلفة مثل (كانون) أو عرف القبائل الذي قال عنه إنه غير سنى (!). والخلاصة عند ديبارمي أن شمال إفريقية سنة