للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان للنساء أدوار في الحياة السياسية والعسكرية أيضا. وقد برزت أثناء حياة الأمير عبد القادر امرأتان: أمه لاله زهرة (الزهراء) وزوجته لاله خيرة. وكانت أمه ذات مكانة خاصة في قومه حتى كان يدعى أحيانا، سيما عند البيعة، بابن السيدة الزهرة. وكان الأمير كثيرا ما يشاورها ويتبع نصائحها. وبعد معاهدة التافنة ظهر على الأمير بعض الراحة وتلقي الهدايا، فذكرته أمه بما يجب للرجل البسيط، رجل الدين والتقشف، فكان لا يلبس إلا الصوف البيضاء دون زخرفة. ولما كان في تاكدامت سمع بأمه مريضة، وهي في مليانة، فبادر إلى زيارتها قاطعا على ظهر الحصان ١٦٠ كلم في خمس عشرة ساعة. وكانت أمه وزوجه في الزمالة سنة ١٨٤٣ فهربهما مولود بن عراش بحراسة أربعين فارسا حتى لا تقعان في قبضة الفرنسيين. ولما وصل الجيش الفرنسي إلى موقع الزمالة دارت معركة حامية حول الخيمة التي كانت تضم السيدتين ودافع عنها فريق من الجيش النظامي حتى قتل دونها، لتمكين السيدتين من الهروب الذي لم يعلم به الفرنسيون. ثم إن لاله زهرة هي التي استقبلت الأسرى الفرنسيين سنة ١٨٤٥ بعد معركة سيدي إبراهيم. وقيل إنها هي التي نصحت ابنها الأمير سنة ١٨٤٧ بتوقيف الحرب بعد مقتل البوحميدي في المغرب وفقدان الأمل في الهروب إلى الصحراء، ومحاصرة الفرنسيين لهم. وقد عانت لاله زهرة أيضا من السجن عند الفرنسيين بفرنسا حوالي خمس سنوات. وكذلك لاله خيرة وأطفالها (١).


= (ثائر وقديس)، ١٩٩٤، ص ٢٤٤. وهنا وهناك. وهناك من يرى أن تولي زينب شؤون الزاوية قد أضعفها. والمعروف أن الفرنسيين بواسطة كروشار، رئيس المكتب العربي في بوسعادة، قد عارضوا توليها خوفا من أن تقع الزاوية تحت تأثير المعارضين للاحتلال. وكان الفرنسيون يفضلون تولية ابن عمها. ولكن زينب عارضت ذلك ورفضت الرسالة (الوصية) التي تظاهر بها الفرنسيون من أبيها على أساس أنه كتبها في حالة مرض وشيخوخة. وبقيت هي المتولية إلى وفاتها سنة ١٩٠٤ (حوالي سبع سنوات). وقد وصفتها كلنسي - سميث بأنها (البنت العصامية).
(١) لويس رين (المرأة البربرية) في (المجلة الجغرافية للجزائر وشمال إفريقية) SGAAN، ١٩٠٥، ص ٤٧٢، انظر أيضا السيدة بروس (إقامة في الجزائر)، مرجع سابق، =

<<  <  ج: ص:  >  >>