للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عاشور الخنقي أن زوجته، وهي باية (بية) بنت أحمد حسان، كانت قارئة للقرآن (وعالمة بعدة علوم على غاية الاتقان والإحسان)، وكانت قد أخذت الطريقة الرحمانية على الشيخ محمد بن بلقاسم الهاملي وأدخلت عند أهل الشيخ وعند ابنته زينب التي تولت بعد أبيها القيادة الروحية للزاوية (١).

وكانت زينب هذه من النساء اللواتي حظين بدراسات وأوصاف قلما حظيت بها امرأة معاصرة في الجزائر. فأبوها هو شيخ زاوية الهامل. وكانت زينب الابنة الوحيدة والوريثة له. وقد ولدت في حدود الخمسينات من القرن الماضي. ورباها أبوها وعلمها لكي تساعده في الزاوية وتخلفه بعد وفاته. وكانت متعلمة إلى أن أصبحت قادرة على الاستفادة من مخطوطات المكتبة. وكانت هي الحافظة لسجلات أملاك الزاوية. وقد بلغت مداخيلها حوالي مليونين ونصف من الفرنكات أوائل هذا القرن، كما بلغت الأراضي المزروعة التابعة للزاوية ٩٠٠ هكتار في بوسعادة وحدها. وكانت الزاوية في عهد أبيها محل الزيارات والضيفان والطلبة، وقيل إن عدد هؤلاء (الطلبة) كان يتراوح بين ٧٠٠ و ٨٠٠ في السنة. وحين تغلبت زينب على ابن عمها في إرث بركة الزاوية تلقت أيضا زيارات عديدة، منها زيارة الفنان الفرنسي (قيومي)، والمغامرة الأديبة إيزابيل إيبرهارد، والرحالة بامبر. وكانت زينب، حسب وصف مشاهديها منقطعة للعبادة. وشهدت الزاوية في عهد والدها وعهدها هي أحداثا هامة وكانت لها مواقف، منها احتضانها (أي الزاوية) لأسرة المقراني بعد ١٨٧١، وموقفها من ثورات الجنوب، وتدريس الشيخين محمد بن عبد الرحمن الديسي وعاشور الخنقي فيها، وزيارات ناصر الدين ديني، الرسام المعروف، لها. وكانت زينب معاصرة لكل ذلك وواقفة على سير الزاوية في أحرج الظروف (٢).


(١) عاشور الخنقي، (منار الإشراف)، ط. ١٩١٤، ص ٢٥. وقال إن زوجته هذه قد توفيت سنة ١٣٠٥ بالزاوية.
(٢) أنيت كوباك A. Kobak، (إيزابيل)، نيويورك، ١٩٨٩، ص ١٩١. وكلنسي - سميث =

<<  <  ج: ص:  >  >>