للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالدرجات في المدرسة من سنة إلى أخرى، فهذا ما لم يحصل إلا في المدارس الأهلية الفرنسية منذ حوالي ١٩٢٠ فقط، وقد تناولنا ذلك في غير هذا المكان. ونفهم من بعض القصص هنا وهناك أن التعلم لم يكن محرما ولا مفقودا في بعض العائلات والمناطق، ولكنه كان تعلما استماعيا في معظمه، وكان يقوم على الحفظ والذاكرة على عادة العرب القدماء، وقلما وجدنا المرأة التي تكتب أو تؤلف أو تعبر عن علمها بقلمها. ولا شك أن النسوة كن يستمعن إلى الدروس ويستوعبن المواعظ والأحكام الشرعية شفويا، ثم ينشرن ذلك بين النساء الأخريات، وهكذا. وقد روي عن الشيخ محمد بن يوسف أطفيش أنه كان يعظ النساء في دروس مخصصة، وكان يعلمهن شفويا تعاليم الإسلام وأحكام شريعته. وممن نبغت على يدي السيدة عائشة بنت ناصر التي أصبحت متعلمة كما أصبحت بدورها واعظة للأخريات، وكانت تفصل في القضايا بين المتخاصمين (١). وكان ابن باديس ورجال جمعية العلماء قد اتبعوا منهج الوعظ والإرشاد وتعليم المرأة أيضا بالطريقة الشفوية، ثم فتحوا المدارس أيضا لتعليم البنات بالطريقة الحديثة.

ويذكر بعض الكتاب أن المرأة في زواوة قلما تعلم لأن التعلم في الزوايا والمدارس القرآنية كان مقصورا على البنين، ومن النادر أن تجد غير ذلك (٢). ومن هذا النادر ما حكاه الشيخ علي أمقران عن السيدة ذهبية بنت محمد بن يحيى، أحد شيوخ زاوية اليلولي. فقد كانت ذهبية متعلمة وكانت لا تكف عن المطالعة في كتب أبيها أثناء هرمها (٣). وكانت السيدة زهراء بنت العربي بن أبي داود معروفة بالصلاح والحكمة حتى أنهم كانوا يشاورونها في أمور الدين والدنيا، وهي من شواعر اللغة القبائلية (٤). وذكر


(١) محمد علي دبوز، (نهضة الجزائر)، ١/ ٣٤٧.
(٢) هانوتو ولوتورنو (منطقة القبائل)، ط. ٢، ص ١٠٦.
(٣) علي امقران، مراسلة خاصة، إبريل ١٩٧٩.
(٤) نفس المصدر، من أوراق له، ١٨ مايو، ١٩٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>