للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربت ابنها سليمان بن حمزة على كره الفرنسيين وغذته بالطموح والكبرياء (١).

بل هناك حتى النساء المتمردات على العادات والتقاليد الاجتماعية والإسلامية. فهذه حليمة بنت محمد بن يوسف الزياني قد اشتهرت في وهران ونواحيها بالخروج عن التقاليد. فكانت تخرج سافرة وتفلح الأرض لأسرتها، وكانت تركب الخيل وتشارك في الفروسية التي تنتظم من وقت إلى آخر، كما كانت تستقبل الوفود التي تزور زوجها الذي كان يتولى وظيفة إدارية للفرنسيين، وتحضر الحفلات التي يقيمها المسؤولون الفرنسيون لأعيان الموظفين الجزائريين. واشتهرت بلقب (القايدة حليمة). وقد قيل إنها ذهبت إلى الحج قبل وفاتها واستبدلت لقب القايدة بلقب الحاجة. وتوفيت خلال الحرب العالمية الثانية (٢).

وكم من قصص تروى عن النساء الجزائريات خلال هذا العهد. ففي المدن كن لا يخرجن إلا إلى الحمام حيث يلتقين ببعضهن ويتخذن ذلك ذريعة للاطلاع على الأحوال، والاستماع إلى الأخبار من كل نوع، وذريعة لتفريج الكرب والترويح عن النفس. وكثير من الحمامات كانت تتحول إلى مغنى ومرقص ومعرض للزينات والجواهر، وأسواق للبيع والشراء. والمناسبة الأخرى التي كانت المرأة تخرج فيها في المدينة هي شهر رمضان حين يطول الليل ويخرج الرجال والأطفال، ويكسو الظلام الشوارع فلا يعرف المارة إلا أن الملفوف بالحائك هو امرأة أو حرمة. وغالبا ما كانت النساء تخرج في رمضان ومعهن أطفالهن. كما كن يخرجن يوم العيد لزيارة المقابر والجيران والأقارب. وفي يوم العيد كن يتخذن الزينة ويلبس الجليد من الثياب والأحذية الملونة والمطرزة بالذهب والفضة. وفي عيد الأضحى كن يتخذن الدفوف ويرقصن ويغنين. ولكن الفرنسيات لا يعجبهن كل ذلك، إنهن يردن المرأة المسلمة أن تفعل ما يفعلنه، وإلا فهي متخلفة ومسكينة. ولم تعجبهن


(١) لويس رين (حدودنا الصحراوية) في المجلة الإفريقية، ١٨٦٦، ص ١٨٩.
(٢) المهدي البوعبدلي (دليل الحيران)، المقدمة، والكتاب من تأليف محمد بن يوسف الزياني.

<<  <  ج: ص:  >  >>