للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موسيقاها ولا زغاريدها، وقد بلغت الوقاحة بإحداهن أن شبهت الزغاريد بنباح الكلاب (١).

وقد سال حبر كثير عن تعدد الزوجات وحقوق الزوجة الواحدة، واعتبر الفرنسيون أنفسهم من المنقذين هنا أيضا. وربط معظم الذين تناولوا هذا الموضوع بين الجانب الاقتصادي والشريعة الإسلامية والقوانين الفرنسية. وبنهاية القرن الماضي سجلوا أن تعدد الزوجات بين المسلمين كان يقل في المناطق المدنية حيث انتشر الفرنسيون، وأن التعدد كان ما يزال شائعا فقط لدى بعض العائلات الغنية، وإنه ظاهرة تختفي بالتدرج. ونادى بعضهم بتوفير الحاجات المادية للرجل وعندئذ سوف لا يتزوج إلا واحدة. ولاحظوا أن التعدد لا يكاد يذكر في زواوة وفي بعض المناطق الفقيرة الأخرى، لأن الطبقات الفقيرة عامة لا تعرف تعدد الزوجات. ذلك أن التعدد لا يرجع إلى الشهوة الجنسية ولكن إلى دوافع اقتصادية وإلى الفخفخة وحب الظهور وكثرة الأولاد. وأخبر الضابط شارل ريشار الذي قضى مدة طويلة وهو رئيس لمكتب عربي عسكري، وكان عارفا بأحوال الأهالي في نواحي الشلف: إن تعدد الزوجات راجع إلى أسباب مادية، فالمرأة كانت تقوم بالطحن والعجن، والطبخ، وكانت تقوم بترتيب البيت وتزيينه، وكانت تنسج الحائك والبرنس، وتعد الحلوى، وتخيط الملابس وتصنع قماش الخيام، ومن ثمة كانت تشارك في البناء المنزلي. فالمرأة على هذا المنوال كانت توفر للرجل: الغذاء والكساء والسكن (٢).


(١) السيدة بروس، مرجع سابق، ص ٢٨٤.
(٢) شارل ريشار (تحرير المرأة العربية)، نقلا عن بول بوليو (عن الاستعمار) ط. ٥، ١٩٠٢، ص ٤٦٤. ويذكر لويس ماسينيون في وقت لاحق أن السدس فقط من رؤوساء العائلات كان لهم أكثر من زوجة سنة ١٨٩١ (أي ١٤٩,٠٠٠ من مجموع ٩٥٠، ٠٠٠) أما في سنة ١٩١١ فقد انخفض ذلك العدد إلى ٥٩، ٥٢٧ فقط. وفي ١٩١٥ انخفض إلى ٢,٨٣٠ وهكذا. انظر (الحولية)، باريس ١٩٥٥، ص ٢٣٥. وعن تعدد الزوجات من وجهة نظر إسلامية انظر ما كتبه الشيخ أبو يعلى الزواوي في (الشهاب) عدد مايو ١٩٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>