للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأى بول بوليو عدم المبالغة في دور المرأة الاقتصادي، رغم أنه يعترف بأن عليها يتوقف نظام المنزل وأملاكه وحسن سير المداخيل والتوفير. وإن العمل المنزلي هو مجال الزوجة الوحيدة والكفأة. وقال إن المسألة ليست في كثرة القوانين والإجراءات، ولكن في فهم عقائد المسلمين وتقاليدهم. ويكفي في نظره أن تعدد الزوجات يجعل التواصل غير ممكن بين الأوروبيين والجزائريين، وله عواقب وخيمة. وقد دلت الإحصاءات على أنه قد انحصر في بعض العائلات الغنية، كما ذكرنا. وحكم التاريخ يقتضي إذن إعطاء العربي ما قدمه له المرأة من مادة: وهي الغذاء والكساء والخياطة والبناء، الخ. وإذا توفر له ذلك فإن التعدد سيختفي من تلقاء نفسه.

ومن جهته نصح جول دوفال بمنع الموظفين الجزائريين في الإدارة الفرنسية من تعدد الزوجات، وبعدم حضور الفرنسيين حفلات الزواج الثاني إذا دعاهم الأهالي إليها، وبمقاطعتهم لزيارة أي بيت فيه أكثر من زوجة، كما طالب بامتناع الفرنسيات من الدخول على بيت فيه حريم (أكثر من زوجة). ثم رجع بوليو إلى الحديث عن بعض العراقيل التي وضعها القانون الفرنسي لمنع تعدد الزوجات، ومنها، في نظره، الإرث المتساوي بين الرجل والمرأة، والزواج المؤبد حسب القانون (الفرنسي)، وكذلك إنشاء الحالة المدنية التي رأى فيها بوليو وسيلة لإخراج الجزائريين من (نصف حضارتهم) (١).

ونحن لا نفهم من هذه الملاحظات والنصائح دفاعا عن المرأة المسلمة أو غيرة على حقوقها الإنسانية، ولكن دعوة لإدماج الجزائريين في المجتمع الفرنسي، والتخلص من العراقيل التي تحول دون ذلك. أما تعدد الزوجات في الشريعة فله شروطه المنصوص عليها، وليس مجرد شهوة أو حاجة اقتصادية أو قضية ثروة وتباه.

ومن العراقيل التي وضعها القانون الفرنسي أن الزوجة المسلمة المتوفى


(١) بول بوليو (عن الاستعمار)، مرجع سابق، ص ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>