للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها زوجها لا حق لها في النفقة من زوجها أو من الدولة إلا إذا كان الزواج قد عقد طبقا للقانون الفرنسي، أي إذا كان الزوج قد تخلى عن أحواله الشخصية الإسلامية. فقد طالبت امرأة محمد بوكنية الذي توفي في معركة ضد العدو (؟) - حسب تعبير جريدة (المبشر) - بالنفقة من السلطات الفرنسية، ولكن هذه السلطات أجابتها بأنه لا حق لها في ذلك لأن زواجها منه كان طبقا للشريعة الإسلامية (١).

وقد كثرت شكاوى النساء الجزائريات خلال الاحتلال الذي زعم قادته أنهم كانوا يرثون لحالهن ومآلهن. والأمثلة على ذلك كثيرة. فهذه زوجة مصطفى، خوجة الخيل على عهد الداي حسين باشا. لقد نفاها الفرنسيون مع زوجها وأطفالها الثلاثة عشر، واستولوا على أرزاقهم وأراضيهم. وعاشوا فترة في الإسكندرية، ثم توفي الزوج وبقيت هي مع العيال. ثم تذكرت الأرملة أن لهم أملاكا في الجزائر فطلبت السماح لها بالعودة والإقامة، فسمح الفرنسيون لها بالرجوع، وقد تجاوزت الستين سنة، ولكن أملاكها لم ترجع إليها، ولم يدفعوا لها الكراء على ما فات من السنين، فكتبت رسالة شكوى إلى زوجة نابليون تستغيث بها وتطلب منها التدخل لجبر الحالة وتخصيص شهرية لكي تستعين بها على حياتها، والنظر إليها (بعين الشفقة والرحمة بحق من أعطاكم هذه الحرمة وأولاكم النعمة .. ولا يخفاكم حال أولاد الدار الكبيرة إذا سقط حالهم وصعبت معيشتهم) (٢).

وأسوأ ما كانت تتعرض إليه المرأة هو النفي عن أهلها وموطنها. وقد ذكرنا أن الجزائريات عانين كالرجال، من المنفى البعيد، ولا سيما في عهد بوجو. والغريب أن إحداهن قد وطنت نفسها على الإقامة في المنفى الذي هو (كايان) الفرنسية، وكتبت إلى الجزائريات أمثالها ترغبهن في القدوم إلى هذا المنفى البعيد والتزوج بالمسلمين الجزائريين الذين حكم عليهم الاستعمار


(١) جريدة المبشر ١٦ ديسمبر ١٨٦٩. وقالت الجريدة إن هذا القانون صادر في ٢٨ أكتوبر ١٨٦٦. وكان قانون التجنس قد صدر سنة ١٨٦٥.
(٢) بلقاسم بن سديرة (كتاب الرسائل)، ص ٣٠٤، والرسالة بتاريخ ١٨ سبتمبر ١٨٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>