المهاجر. فلا نعلم أنه شجع على الهجرة بعد ١٨٤٧. بالعكس فقد وجدنا بعض أفراد عائلته كالطيب بن المختار، وآل طالب، قد رجعوا إلى الجزائر بعد أن هاجروا منها. وكان رجوع بعضهم بنصيحة منه. ونسب إليه أنه نصح، وهو بالشام، أحد الأصدقاء الذي سأله عن الهجرة بأن (لا تسمع لقول من يقول: اذهب إلى القدس تقدسك، فاعلم أن الرجال تقدس البقاع، وليست البقاع تقدس الرجال)(١).
وعندما كان كتاب الأمير يدعون المسلمين، ولا سيما العلماء والطلبة، إلى الهجرة من المناطق التي استولى عليها الفرنسيون، كان ليون روش، الذي كان يتجسس على الأمير، يتابع المراسلات ويطلع على ردود الأفعال. وعند استئناف الحرب مع الفرنسيين (١٨٣٩) وجد ليون روش الفرصة للهروب من حاشية الأمير إلى الماريشال بوجو. وقد كشف له في تقاريره عن عورات المسلمين ولا سيما مخططات الأمير وأسراره. ومن ذلك أن المسلمين كانوا يعتبرون الأرض الواقعة تحت الإدارة الفرنسية دار حرب يجب الخروج منها. وكان ذلك هو أساس حركة الجهاد عندهم. ولمقاومة هذه الحركة صاغ الفرنسيون (فتوى) وحملها ليون روش نفسه إلى علماء المسلمين ليفتوا الجزائريين بناء عليها، ومفادها أن الجزائر لا تعتبر دار حرب ولا تستوجب الجهاد ما دام المسلمون قد بذلوا الجهد في الدفاع عنها وعن الإسلام ثم عجزوا عن طرد الكافر، ثم إن هذا الكافر نفسه قد ترك لهم حرية ممارسة شعائرهم الدينية. فعليهم إذن أن يرضوا بحكم النصارى وأن يمارسوا الإسلام، طبقا لأحكام الشريعة نفسها.
هذه (الفتوى) الغريبة حررها بعض الموالين لفرنسا من شيوخ التصوف، ومنهم، كما جاء في (مجلة العالم الإسلامي) الشيخ محمد التجاني، ومقدم الزاوية الطيبية، ثم أعدت السلطات الفرنسية بعثة فيها هؤلاء الشيوخ أو نوابهم، ورافقوا سنة ١٨٤١، ليون روش الذي غير اسمه ليصبح