للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر مترجمو الأمير أنه فكر في حمل جميع المسلمين في الجزائر على الهجرة نحو البقاع المقدسة (١).

رغم أن كثيرا من العلماء ورجال الدين قد اختاروا الهجرة نحو المشرق، سيما بعد هزيمة الأمير عبد القادر، ثم في عهود متوالية، فإن هناك من كان منهم ضد الهجرة مهما كانت الأسباب. ومن هؤلاء بعض المتصوفة وعلماء الأرياف. ومنهم من هاجر ثم رجع زائرا أو مقيما وتولى الوظائف للفرنسيين أنفسهم. وقد ذكرنا ذلك في تراجم بعضهم. ويذكر أحد الكتاب أن الحاج البشير بن حواء الغريسي (معسكر) أحد تلاميذ الشيخ عدة بن غلام الله، قد استشاره بعض أقاربه في الهجرة إلى الشام فثبطهم ورغبهم في البقاء، وأورد لهم حكاية محتواها أنه إذا كان الملك في الشام وابنته في معسكر وهجم العدو على ابنته فهل الأفضل لسكان معسكر الدفاع عن ابنة الملك وتخليصها من العدو أو الهرب بأنفسهم إلى بلاد الملك (يقصد بالملك الرسول، والبنت هي الشريعة الإسلامية) (٢).

ويرى أحد المتصوفة، وهو الشيخ الحبيب بن سيدي موسى العامري - من بني عامر - أن الهجرة الصورية (البدنية) قد انقطعت ولم تعد واجبة، أما الهجرة الروحية فهي باقية بقاء الدنيا. وكان الشيخ الحبيب من رجال التصريف، كما قيل، وحبذ الخروج إلى سبخة وهران عند هجرة قبيلته الشهيرة، بني عامر، إلى المغرب الأقصى. ولما رجعت القبيلة بعد هزيمة الأمير عبد القادر رجع هو أيضا واجتمع الشمل. وقد توفي الشيخ الحبيب سنة ١٢٨٧ هـ (٣).

ويبدو أن الأمير عبد القادر قد غير موقفه بعد هزيمته وسجنه وإقامته في


= انظر أيضا قنان (نصوص)، ص ١٤٢. والمقصود بالإمام هو الحاكم أو السلطان.
(١) شارل هنري تشرشل (حياة الأمير عبد القادر)، ط. ٢، ١٩٨٢، ترجمتنا له.
(٢) الهاشمي بن بكار (مجموع النسب)، ص ١٣٦.
(٣) جاء ذلك فى مخطوط ك ٤٨، الخزانة العامة الرباط.

<<  <  ج: ص:  >  >>