للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحرش، وقد قال صاحب كتاب (إتمام الوطر) إن خصوم الشيخ الزجاي قد دفنوا كتبه في الثرى. كما عانت مكتبة الشيخ أبي راس أو بيت المذاهب الأربعة (١). ومكتبة أحمد بن سحنون وأوراقه (٢). وعندما تعرضت مدينة الجزائر إلى القصف من أسطول إحدى الدول الأوروبية اضطر إلى نقل مكتبة الجامع الكبير إلى قلعة مولاي حسن، بعيدا عن القصف، وكان النقل يتم بواسطة الجمال لمدة ثلاثة أيام. وكانت الكتب تنقل في الغراير (٣). ولا شك أن نقلها على ذلك النحو قد أضر بالكتب كما أنه أدى إلى تفريقها في الأيدي أيضا.

وكان الإهمال والنهب والوباء من أقسى ما أصاب الكتب أيضا. فقد روي أن الحاج أحمد قدورة وكيل ومفتي الجامع الكبير بالعاصمة كان مهملا لمكتبة الجامع، مما سمح لبعض العلماء بأخذ الكتب منها إلى بيوتهم وبيع بعضها خارج الجزائر. وقد تحدث ابن المفتي الذي وصف طابع وحياة العلماء خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر (١٧ م و ١٨ م) أنهم وجدوا عند الشيخ محمد بن ميمون، بعد وفاته، أكثر من أربعين كتابا من مكتبة الجامع الكبير. كما أخبر أنهم وجدوا عند الشيخ الطاهر بن الماروني عددا من الكتب التي أخذها من هذه المكتبة. وعند وفاة ابن الماروني أخذ ابنه الكتب إلى تونس وباعها وقبض ثمنها هناك. كما أخذ الشيخ عبد القادر بن الشويهت وعبد الرحمن المرتضى وابنه وغيرهم كمية أخرى من مكتبة الجامع. وهكذا تفرقت مكتبة الجامع الكبير نتيجة الإهمال وضعف الضمير. ومع ذلك أخبر ابن المفتي أن هذه المكتبة كانت على عهده (سنة ١١٥٣)


(١) وصف أبو راس ذلك في رحلته (فتح الإله). ولا شك أنه فصل القول أيضا في كتابه المفقود (درء الشقاوة في حروب درقاوة).
(٢) تحدث عن ذلك في كتابه المخطوط (الأزهار الشقيقة) الذي سنتحدث عنه في الجزء الثاني.
(٣) نور الدين عبد القادر (صفحات) ٢٨٠، وكذلك ديفوكس (المجلة الإفريقية) ١٨٦٦. ٢٨٩. وكلاهما يروي عن ابن المفتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>