للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحتوي على حوالي ثلاثمائة مجلد، وذلك بفضل محاولات بعض المفتين، أمثال محمد بن المبارك، صيانتها وتجديدها وتعويض المفقود منها. ومن جهة أخرى أخبر الورتلاني أن خزانة كتب والده التي قال عنها إنها كانت عظيمة وأن غيره لا يملك مثلها، قد ضاعت عند حدوث الوباء (١).

وبالإضافة إلى ذلك كان بعض أصحاب المكتبات يوصون بحمل مكتباتهم، بعد وفاتهم، إلى خارج الجزائر، كالمدينة المنورة. فقد حكى العياشي أن الشيخ محمد بن إسماعيل المذكور سابقا قد أوصى أن تحمل مكتبته إلى الروضة النبوية مع جثمانه، وأوصى كذلك بثلاثمائة دينار إلى من يحمل الجثمان. ولكن المكتبة قد عانت في الطريق قبل أن تصل إلى المدينة. فقد حملت إلى القليعة (المنيعة) تهريبا لها من متولي بلدة تكورارن الذي كان ينوي أخذ المكتبة إليه، وظلت في القليعة سنوات إلى أن أخذها علي بن الشيخ الحفيان معه إلى الحج. وقد ضاع منها الكثير، كما يقول العياشي أيضا، في الطريق. فبعد أن كانت المكتبة تحتوي على ألف وخمسمائة مجلد لم يصل إلى المدينة المنورة إلا حوالي مائة وسبعين كتابا فقط. وهو العدد الذي رآه العياشي في المدينة (٢).

ولعل أقسى تجربة مرت بها المكتبات هي التي عرفتها من الاحتلال الفرنسي وما رافقه من حروب وما نتج عنه من تخريب ومن هجرة كبار العلماء والأغنياء إلى الخارج مع بعض كتبهم ووثائقهم. وقد روى الفرنسيون أنفسهم قصصا مثيرة عما وقع لمكتبات قسنطينة ومعسكر وتلمسان وغيرها. والذي يطلع على تقارير بيروبروجر وديسلان المعاصرين للاحتلال ثم كتابات شارل فيرو ولالوي وأضرابهما يصاب بالاندهاش والصدمة والأسف. كما أن الذي يعرف ما وقع لمكتبة الأمير عبد القادر أثناء حادثة الزمالة لا يستغرب ما وقع لمكتبة الشيخ حمودة الفكون وباش تارزي في قسنطينة، ثم ما وقع


(١) الورتلاني (الرحلة)، ٢٨٤.
(٢) العياشي (الرحلة) ١/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>