للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنسيين لها، تبقى بلادا إسلامية. كما أن كل بلاد إسلامية يحتلها الكفار تبقى بلادا إسلامية إذا سمحوا لأهلها بإقامة شعائرهم، وليس على هؤلاء المسلمين إذن واجب الجهاد، لأن بلادهم، والحالة هذه، لم تعد دار حرب، إذا كانوا عاجزين على تحقيق الانتصار.

وتتكون فتوى كامبون من مقدمة وثلاثة أسئلة. أما المقدمة فهي: إذا كان الكفار (الفرنسيون) قد احتلوا أرضا إسلامية، ولكنهم لم يضعوا أية عراقيل لممارسة المسلمين ديانتهم - بل هم يشجعونهم على القيام بشعائرهم الدينية، ويعينون القاضي منهم لينفذ أحكام الشريعة، ويخصصون لهذا القاضي راتبا شهريا، فهل يجب على المسلمين:

١) أن يهاجروا أو لا؟ ٢) هل يدخلون في حرب ضد الكفار لينتزعوا منهم السلطة، ولو كانوا غير متأكدين من أنهم يملكون القوة لتحقيق الانتصار عليهم؟ ٣) هل المكان المحتل من قبل الكفار يعتبر أرضا إسلامية أو أرض حرب؟

وتزعم المصالح الفرنسية أن المفتين بالمذاهب الثلاثة في مكة المكرمة: الشافعي والحنفي والمالكي قد أجابوا بما يرضي الفرنسيين، وهو أن الأرض المذكورة (الجزائر) لم تعد دار حرب. وأن الجهاد أصبح غير واجب على أهلها ما داموا غير قادرين على تحقيق الانتصار على عدوهم وما دام العدو نفسه قد ترك لهم حرية العبادة. وقد علق ديبون وكوبولاني على الفتوى بأنها ذات قيمة كبيرة لأنها سمحت لفرنسا باستعمال الجزرة والعصا، كما أن النص المطاط قد أعطى لفرنسا حججا يمكنها استعمالها لصالحها (١). ونحن لا ندري كيف اطلع علماء مكة على الفتوى؟ هل وجد جول كامبون شخصية أخرى كشخصية الجاسوس ليون روش؟ أو استعمل بعض الحجاج الجزائريين فقاموا له بالمهمة؟ (٢).


(١) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، صں ٣٧.
(٢) سنذكر أن شخصية غريبة أخرى، وهو كورتيلمون، قد استعمله كامبون في مهمة إلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>