للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجنسية الفرنسية أو المواطنة دون شروط. ومن جهة أخرى كان الكولون، كما ذكرنا، يخشون من التجنس الجماعي للمسلمين لأنه يحرمهم (الكولون) من امتيازاتهم كأقلية محظوظة، ولذلك استمروا في معارضتهم الشديدة له. وكان لهم دور في إفشال مشروع فيوليت الذي قام على إعطاء المواطنة الفرنسية للنخبة فقط دون مطالبتهم بالتخلي عن الشريعة الإسلامية.

وخلال الثلاثينات وقف زعماء جمعية العلماء ضد التجنس مطلقا سواء للنخبة فقط أو لكل الجزائريين. وقد اشترك في ذلك الشيوخ: ابن باديس والإبراهيمي والعقبى والميلي والتبسي وغيرهم. وهاجموا أيضا، محاولات التأثير على علماء تونس ليفتوا بإباحة التجنس، مثل الشيخ الطاهر بن عاشور الذي قيل إنه مال إلى ذلك، وقد اشترك في الهجوم عليه ابن باديس والإبراهيمي والعقبى. وظهرت ردود ضد التجنس من علماء الزيتونة وعلماء القرويين. وقد أفتى هؤلاء جميعا بأن المتجنس مرتد عن دينه، وأن حكم المرتد هو الكفر، ومن ثمة لا يمكن للمتجنس أن يرث أو يدفن في مقابر المسلمين ولا أن يتزوج على طريقتهم، وإن ذلك يسري على أولاده، وإذا أراد التوبة فعليه أن يخرج من البلاد التي دخل في قوانينها وأن يعلن توبته صراحة.

وبالطبع لم ترض هذه الفتوى التي اشتهر بها ابن باديس (سنة ١٩٣٨) الفرنسيين ولا الراغبين في التجنس. فقد ثارت ثورتهم ضد ابن باديس وضد جمعية العلماء، واعتبروا المسألة سياسية. وأطلقوا العنان لصحفهم ضد الفتوى وصاحبها. وكان ابن باديس فيما يبدو يقصد ذلك، أي أنه كان يعلن عن موقف سياسي/ ديني يحفظ للجزائر هويتها. وقد صدرت تلك الفتوى في وقت كانت فيه فرنسا تجمع شتاتها وتجند أتباعها لمواجهة الموقف الدولي المنذر بالحرب. ولذلك اتهمت حتى جمعية العلماء بأنها كان تعمل لحساب الفاشيست والدول الخارجية (١).


(١) انظر البصائر، ١٩ نوفمبر ١٩٣٧.
انظر البصائر، ١٩ نوفمبر ١٩٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>