للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكننا نذكرها هنا باعتبارها من الأديبات غير الفرنسيات اللائي كتبن بالفرنسية وتأثرن بالجزائر والإسلام غاية التأثر أول هذا القرن. وقد نشرت كتابا عن الإسلام ومقالات في جريدة الأخبار وغيرها، وكانت حياتها، رغم جوانبها الغريبة، مأساة مما جعلها موضوعا للأدب والأدباء والمهتمين بالصحراء والمخاطرة وبالطرق الصوفية ومؤامراتها. وكان الفرنسيون وراءها خطوة بخطوة حيثما حلت، وسواء لبست لباس الفتيان أو لباس الفتيات، وسواء كانت عاقلة أو مجنونة، في الصحراء أو في المدن (١).

ولدت إيزابيل في جنيف (سويسرا) من أصول ألمانية وروسية، سنة ١٨٧٨. وسكنت باريس، وحملت جواز سفر روسيا صادرا من موسكو. وكانت قضية دي موريس طاغية على أخبار فرنسا (٢)، واعتقد البعض أن المعادين للسامية كانوا وراء السكوت عن قتلته. فأبدت إيزابيل استعدادها لمساعدة أنصار موريس في البحث عنه. وكانت تعرف العربية، وأعلنت أنها صحفية، ونزلت في تونس، ولبست الحائك البدوي ثم ارتدت لباس الفتيان، وامتطت الحصان، وظهرت كأنها فارس عربي شاب. وتثبت بعض الوثائق الفرنسية أنها جاءت من العاصمة إلى بسكرة ثم منها إلى تقرت، ونزلت فندق الواحات سنة ١٨٩٩، وكان عمرها عندئذ اثنين وعشرين سنة. ومن هناك ذهبت إلى وادي سوف في قمة الصيف والحر، ٣١ يوليو من نفس العام، (وفي وثيقة أخرى في ٣١ يوليو ١٩٠٠).

وفي رسالة لها إلى (لاديباشں ألجيريان) بتاريخ ٢٩ يناير ١٩٠١ نشرت في ٤ جوان (يونيو) من نفس السنة، أنها اعتنقت الإسلام، وزارت الوادي لأول مرة في صيف ١٨٩٩، وكانت عندئذ تجوب الصحراء جنوب شرقي


(١) ذكر مالك بن نبي أنه أعجب بكتابها (في ظل الإسلام الدافئ) - وقد ترجم هذا الكتاب إلى الإنكليزية أيضا - وظهرت يوميات إيزابيل في كتاب قدمت له سيدة عربية الأصل، وأفضل ترجمة لها حتى الآن هي كتاب (حياة إيزابيل) لأنيت كوباك A. Kobak، نيويورك، ١٩٨٩.
(٢) عن قصة دي موريس انظر فصل الطرق الصوفية (القادرية).

<<  <  ج: ص:  >  >>