للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسنطينة واحتفظت بذكرياتها، ثم حلت بالوادي مرة أخرى سنة ١٩٠٠ بنية الاستقرار فيه، وقد سمته بلاد الكثبان الرملية والنخيل الظليل. ودخلت عندئذ في الطريقة القادرية، وتظاهرت بالإسلام، لأن تصرفاتها الاخلاقية لا علاقة لها بالإسلام. وكان شيخ القادرية عندئذ هو الهاشمي بن إبراهيم الذي كانت له زاوية في تقرت وأخرى في عميش، وهو من مواليد توزر بتونس حيث كان والده إبراهيم شيخا للقادرية هناك (١).

وكان للشيخ الهاشمي إخوة موزعين بين ورقلة وسوف وتقرت (بالإضافة إلى الزاوية الأم في توزر). وقد أنشأوا زوايا قادرية، كل على حسب قدره ونشاطه وتسهيل السلطات الفرنسية له. وترددت إيزابيل على الزوايا الثلاث في وادي سوف ونالت رضى شيوخها، وحامت الشبهات الفرنسية حول علاقتها الخاصة بالشيخ الهاشمي. وفي ٢٧ يناير ١٩٠١ كان هذا الشيخ متوجها في ميعاد إلى نفطة لزيارة ضريح والده، فنزل بلدة البهيمة (عبد الكريم حساني اليوم) وكانت إيزابيل في رفقته، وكان عليها أن تعود بعد البهيمة إلى الوادي مع خادمها. وبينما كانت تقرأ برقية لأحد التجار، تقدم منها شخص يدعى عبد الله بن محمد بن الأخضر وضربها بسيف على أم رأسها (٢)، ولكن الضربة لم تكن قاتلة، وشاع أن المعتدي كان من أتباع التجانية المنافسة للقادرية - كما كان يريد الفرنسيون. وقد عولجت إيزابيل في المستشفى العسكري بالوادي حوالي شهر، ونقل المعتدي إلى قسنطينة وحوكم أمام المجلس الحربي المنصوب دائما للجزائريين، وحضرت إيزابيل المحكمة، كما حضرها الشيخ الهاشمي. ولكن المعتدي لم يعترف بمن حرضه على محاولة القتل، أو هكذا أرادت السلطات الفرنسية حتى تترك الحكم في يدها.

وفي الوادي وجدت إيزابيل ايبرهارد رئيس الملحقية الضابط كوفي


(١) انظر تفاصيل ذلك في فصل التصوف (القادرية).
(٢) مما خفف من وقع الضربة وجود أغطية كثيفة على الرأس (كان الفصل شتاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>