تاريخيا، كانت معاملة اليهود عموما معاملة حسنة من قبل السكان ومن أرباب الدولة. حقيقة أن المشاعر الدينية وتقوقع اليهود، كأقلية، واستغلالهم الاقتصادي للسكان مثل التعامل بالربا، كان يؤدي أحيانا إلى نظرة احتقار نحوهم. فالمسلم كان يشعر بالتفوق الديني على اليهودي انطلاقا. من حكم القرآن نفسه الذي يصف اليهود بأنهم عصوا الله بعد أن مكن لهم في الأرض. ولكن العلاقات الاجتماعية كانت في الحدود الشرعية وما يقتضيه تبادل المنافع. وكان الأطفال المسلمون أحيانا يعتدون بالكلام وأحيانا حتى بالإيذاء البدني على الأطفال اليهود، وفي بعض الأحيان حتى على الكبار منهم. ولكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان أيضا شائعا، وقلما يتسامح المسلم في إيذاء جاره أو يجاوز حدود الأدب والشريعة إلا إذا كان مسلما سفيها.
أما معاملة أرباب السلطة لليهود فكانت غير مستقرة. كانت المنافع متبادلة بينهم كما قلنا، وكان اليهود يتدخلون عن طريق الهدايا والرشاوى في الأمور السياسية الداخلية أيضا، كتبديل البايات وعزل الوزراء ومهاداة النساء للتأثير بهن على قرارات الدولة. وفي مقابل ذلك كان اليهود يحصلون على امتيازات ضخمة في التجارة الخارجية، كما قلنا، ثم التجارة الداخلية، حيث أصبحوا يتحكمون في الطرقات والأسواق ويشترون البضائع من أهل الريف والبادية بأثمان بخسة، ثم يتصرفون فيها فينالون منها أرباحا طائلة وهي ما تزال في داخل البلاد. وكان اليهود هم خبراء المسالك وأنواع البضائع المتداولة في الجزائر وإفريقية مع أوروبا. وكانت مبالغة اليهود في الثراء على حساب السكان، وسيطرتهم وشحهم في مقاسمة الأموال مع السلطة التي تحميهم، قد أدت إلى ضربهم أحيانا بقسوة كما حدث زمن الداي مصطفى باشا (ت. ١٨٠٥). وكان ضربهم هذا وسيلة لتهدئة الغضب الشعبي وشراء
= لي شخص نسيت اسمه، دراسة مطولة ذات فصول عن تاريخ اليهود في الجزائر منذ أقدم العصور لأعطيه رأيي فيه، وقد فعلت. وأعتقد أن اسم المؤلف عندي بالجزائر ضمن أوراقي. وكانت الدراسة مشوشة وتخفي وراءها نوايا وأهدافا باطنية.