للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما الذي أدى إلى هجرتهم هو قبولهم بالتجنس الفرنسي سنة ١٨٧٠ فعاملهم الجزائريون معاملة الفرنسيين (١). والمقصود (بالهجرة) هنا الهجرة إلى فرنسا وليس إلى فلسطين. ولكن الحركة الصهيونية أدت إلى هجرة الكثير من اليهود الجزائريين إلى فلسطين منذ ١٨٤٨، وهذه الهجرة لم يتحدث عنها (قوانار) (٢). فقد فرغت القرى والمدن الصغيرة من الجاليات اليهودية على إثر قيام دولة إسرائيل.

ويعرف رجال الحركة الوطنية بعض أعيان الحركة الصهيونية في الجزائر، سواء الظاهرين منهم أو المتخفين تحت أسماء النوادي الماسونية وغيرها. وكانوا منزرعين في مختلف أنحاء البلاد. ومن أبرزهم في الثلاثينات، حسب بعض المعاصرين، الدكتور لوفراني والجنرال ويس. وكان الدكتور لوفراني بالذات ملازما لنادي الترقي في العاصمة حيث الفكر الإصلاحي والتيار العربي المعادي للصهيونية ولاستيطان اليهود في فلسطين. ومن أبرز المنشطين لهذا التيار كان الشيخ الطيب العقبي، مدرس النادي المذكور وخطيبه. وكان الشيخ العقبي معروفا بمواقفه المدافعة عن حق العرب والمسلمين في فلسطين ومن المتصلين الدائمين بالمشرق العربي وقضاياه. وقد نشطت الحركة العربية المعادية لدعوى اليهود والصهيونية في العودة إلى فلسطين منذ مؤتمر القدس ١٩٣١، وقامت المظاهرات والثورات في فلسطين وعلى رأسها: عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني، وحدثت معركة القسطل وغيرها. ومن جهة أخرى حدثت في قسنطينة فتنة بين المسلمين واليهود في غشت ١٩٣٤. وقد فسرها البعض تفسيرا قوميا ودينيا، أي بين قوميتين ودينين. وكانت أحداث فلسطين والنشاط الصهيوني يجد صداه في الصحف الإصلاحية والوطنية عامة. وقد عزا بعضهم اتهام العقبي بالتحريض على قتل الشيخ كحول بأنه من آثار هذه اللعبة السياسية، وأن


(١) مع ذلك حاولت الثورة أن تفصلهم عن بقية الفرنسيين وأن تعاملهم معاملة خاصة على أساس أصولهم. انظر مقررات مؤتمر الصومام ١٩٥٦.
(٢) قوانار (الجزائر)، مرجع سابق، ص ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>