هي دين كل العصور وكل البلدان. وفي عدد لاحق من المجلة نفسها ذكروا أن بعض عبارات الماسونية العربية (الطرق الصوفية) تتفق مع مصطلحات الماسونية الأوروبية أيضا. والغريب أن الكاتب وجد التشابه اللفظي بين كلمة (الورد) عند الصوفية وكلمة (أوردر) الفرنسية والإنكليزية، وقال إنهما تستعملان في نفس المعنى، وهو ما يتلقاه المريد في الجمعيات السرية (الصوفية) وفي الماسونية، وكذلك كلمة (إخوان) في الصوفية وكلمة (كوان Cowan) في الإنكليزية التي قيل إنها تعني كلمة (الأخ) التي تعطي للعضو الأجنبي في الماسونية، وربما كان ياكونو صادقا، عندما اعتبر ذلك التمحل من الخيالات التي يرفضها التاريخ (١). ويبدو أن الماسونيين بعد أن رأوا فشلهم في جلب الجزائريين رجعوا إلى اعتبار الطرق الصوفية ماسونية عربية ودليلا على انتشار الماسونية واعتبارها دين كل العصور وكل البلدان، في زعمهم.
ومهما كان الأمر، فقد عاش محفل بيليزو العهد الاستعماري وفي ظل الإدارة الفرنسية، مؤيدا لها ومباركا أعمالها، وداعيا للاندماج بين الفرنسيين والجزائريين والقضاء على الروح العربية والإسلامية. وأصبح المحفل في أغلبه من البرجوازية، وكان أعضاؤه من سكان المدن طبعا. وقد دخله بعض اليهود الجزائريين أمثال طاما ايلي، واليزار، وكلاهما كان في الهيئة الدينية الإسرائيلية (كونسيستوار)، كما دخل المحفل بعض رجال الدين الفرنسيين مثل الأسقف دوبوش، رغم أن المحفل الماسوني على العموم مضاد للكنيسة في نظر البعض. وقد سيطر بعض رجال الماسونية على النواحي الاقتصادية والمالية واستغلال الأرض (الاستعمار) في الجزائر مثل دي فيالار، كما كان من بينهم السياسيون والكتاب والشعراء. ولكن دراسة ياكونو التي تنتهي سنة ١٨٥٠، لا تحدثنا عن دخول مسلمين جزائريين في محفل بيليزير، ولا في المحفل المنشق عنه والمسمى (التجديد الإفريقي) الذي أنشئ حوالي سنة
(١) ياكونو (بدايات الماسونية)، ص ٥٧. إن استعمال عبارة (الجمعيات السرية) في وصف الطرق الصوفية شاع في الكتابات الفرنسية عن هذه الطرق حتى عند غير الماسونيين الظاهرين.