للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسها، ولكن التعليم حسب رأيه، سيجعلها تستعيد مكانها في العالم، كما أن عداوة المسيحية لها ستجعلها تتوحد. ولذلك قال إن مصلحة الغرب المتحضر هي في الارتباط بالإسلام وفي تقديم المساعدات له، ويمكن التفاهم بين الطرفين في نظر ابن رحال، بعمل مزدوج وهو: معرفة العالم المسيحي للإسلام ومعرفة العالم الإسلامي للحضارة الغربية. وطالب بنبذ الأحكام المسبقة وبمد الأيدي الغربية نحو المسلمين الحقيقيين (النخبة؟) ذوي الاستعداد للتفهم والتضحية. وكرر مقولته بأن على فرنسا أن تساعد إفريقية لأنها إذا لم تساعدها فإنها ستتقدم بدون فرنسا، وقال إن إفريقية مسكونة بالبربر والزنوج، أما العرب فعددهم قليل، وأن البربري متمسك بدينه وأرضه وتقاليده، وأنه في ذلك مثل العربي البدوي. ووصف الزنوج بأنهم بدائيون ويمثلون لوحة عذراء يمكن الكتابة عليها دون خوف من محو أي شيء فيها، وهم يمثلون أيضا أرضا خصبة للإسلام (١).

ونعني بوحدة الأديان الدعوة التي ظهرت في الجزائر بين الحربين تقريبا لتبشر بالعناصر المشتركة في الأديان الثلاثة، وهي الإسلام والمسيحية واليهودية. ولا ندري دوافع هذه الدعوة بالضبط هل هي بديلة للحركة الوطنية التي ظهرت في هذه الأثناء لتضعفها؟ وهل هي جزء من فلسفة الاندماج الحضاري الذي كانت (النخبة) تدعو إليه، وكذلك بعض القادة الفرنسيين أمثال موريس فيوليت، وهو الاندماج الذي كانت تسعى إليه الماسونية أيضا؟ وهل هي دعوة ظهرت مع ظهور الحركة الصهيونية في المشرق، تمهيدا لقبول اليهودية والوطن القومي في فلسطين؟ وأخيرا لعل وحدة الأديان فكرة بديلة لحركة التنصير التي فشلت فشلا ذريعا بعد الجهد الذي بذله آباء لافيجري وأخوات.

والحديث عن وحدة الأديان غير جديد في الجزائر. فقد نسبوا إلى


(١) محمد بن رحال (مستقبل الإسلام) في (المسائل الدبلوماسية)، أول نوفمبر، ١٩٠١، ص ٥٣٨ - ٥٥٠. كنا تناولنا ابن رحال في عدة أماكن أخرى، مثل التعليم، انظره.

<<  <  ج: ص:  >  >>