الأخلاق وانتشار الخمر والزنى والمراباة، وقد تساءل ما إذا كان المسيحي سيلجأ في النهاية إلى الإسلام كآخر ملجإ له. وقد لام ابن رحال الذين كانوا يرمون الإسلام وأهله بشتى أنواع التهم، ومدح الذين فهموه وعرفوا رسالته، وتمنى أن يدعو علماء الغرب إلى تغيير المفاهيم حول الإسلام والدخول في حوار مع العالم الإسلامي. وقرر ابن رحال شيئا كان موجودا وهو أن الجزائر هي مفتاح إفريقية، وأشار إلى الرابطة التي كانت بين فرنسا والإسلام في القارة السوداء. ولكنه حذر من عواقب الاحتلال وتفقير الأهالي، وحذر المؤتمرين بصراحة متناهية، فقال إن جماهير المسلمين ستتحدى إذا رأوا تسلط الأجانب مهما كان جهدهم عظيما، وأن القرن العشرين سيحل مشاكله إما بالطرق السلمية وإما بمواجهة النكبات، ومن النكبات في رأيه بقاء المسيحية على عدائها للإسلام، ومن رأيه أن العالم الإسلامي سيدخل عهد التمدن سواء بواسطة فرنسا أو بدونها (١).
وقد انطلق ابن رحال في بحثه حول مستقبل الإسلام من بحثه الذي ألقاه في مؤتمر المستشرقين، وكان يكرر في الثاني ما ذكره في الأول. ونظر في بحثه سنة ١٩٠١ إلى الإسلام الواحد أو الشامل في مختلف الأصقاع. وذهب إلى أن الإسلام يتبع نبض الحضارة العالمية في كل شيء ما عدا العقيدة والأخلاق والأسرة. ونوه بالمسلمين القدماء الذين خدموا الحضارة وقدموها صائغة إلى أوروبا، وأنه بإمكان المسلمين أن يأخذوا مكانهم من جديد إذا سمحت لهم الظروف. وقال إن المسلم يملك طاقة جبارة للمقاومة وهي التي تمده بالقدرة على الانتظار دون المدافعة ودون الموت.
واعترف ابن رحال أن دول العالم الإسلامي متخلفة ومنقسمة على
(١) كريستلو (المحاكم)، ص ٢٤٧. وهنا وهناك. وسبق لابن رحال أن نشر نصا من كتاب نزهة الحادي للأفراني عن إفريقية ونشره في مجلة الجمعية الجغرافية لوهران، ١٨٨٧. وعن حياة ابن رحال انظر فصل الترجمة: وقد كتب عنه آجرون بحثا في كتاب (الأفارقة) الذي كان يشرف عليه جوليان، ج ٨، باريس ١٩٧٧، والبحث بعنوان: (محمد بن رحال ضمير قلق في جزائر متحولة) وقد نوه به بعض الجزائريين أمثال الشيخ الإبراهيمي في الجزء الخامس من آثاره.