للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبدو. ولم تظهر فكرة معاداة السامية إلا في العهد الاستعماري، وبين الفرنسيين والأوروبيين. وكانت غير معروفة في المصطلحات الجزائرية. ولكن الحركة الصهيونية سيست العلاقة بين المسلمين واليهود، فأصبح اليهودي ليس هو مجرد الإنسان الذي يدين باليهودية، وإنما هو ذلك الذي يعمل على انتزاع أرض فلسطين وإقامة وطن قومي غريب فيها. والغريب أن أحداث قسنطينة سنة ١٩٣٤ قد فسرها بعض الكتاب الفرنسيين على أنها من صنع جمعية العلماء ضد الصهيونية (١)، بينما هي في أغلب التقديرات كانت رد فعل المسلمين على الاعتداء على حرمة أحد مساجدهم من جهة واستفزاز الجالية اليهودية (وهي فرنسية) التي أطلق أفرادها النار على المسلمين المتجمهرين. وتتهم صحف جمعية العلماء وتصريحات رجالها السلطة المحلية نفسها بخلق التوتر لضرب أهداف معينة في التيار الوطني، كما حدث سنة ١٩٣٦ عندما ضربت حركة المؤتمر الإسلامي وجمعية العلماء باعتقال الشيخ العقبي.

وفي السنة التي توفي فيها الشيخ ابن عليوة (١٩٣٤) انعقد في لندن (مؤتمر الأديان الثلاثة)، ولا ندري من حضره من الجزائريين. وبعده بحوالي عشر سنوات (١٩٤٦) ظهرت جمعية مماثلة في باريس، بل هي فرع عن المؤتمر المذكور الذي سمي بمؤتمر المؤمنين. وفي ١٩٥٩ ظهرت في بوفاريك بالجزائر (جمعية توحيد الأديان الثلاثة) التي تدعو إلى احترام هذه الأديان وإلى الأخوة بين أهلها (٢).

إن التقارب بين الأديان فكرة قديمة عند الفلاسفة المسلمين، وكان


(١) اعتمدنا على كتاب قوانار (الجزائر) مرجع سابق، ص ٣١٣ - ٣١٤، ومقالة أوغسطين بيرك عن الشيخ ابن عليوة (مرابط عصري) في المجلة الإفريقية، ومقالة ديرمنغام عن الإسلام في (مدخل إلى الجزائر)، و (حولية) ماسينيون عن العالم الإسلامى.
(٢) الهاشمي التجاني (الإصلاح وجمعية القيم) في مجلة (الموافقات)، عدد ٢، ١٩٩٣ ص ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>