ومن المسلمين الذين تأثروا بالإسلام أرنست بيشاري، حفيد أرنست رينان الشهير. وقد وصف في كتابه (رحلة السنتوريون) الأثر الذي تركه عنده الهدوء والوحدة في الصحراء، كما وصف درجة الإيمان عند المسلمين عندما قال له أحدهم (أنتم لكم الدنيا ونحن لنا الآخرة). وقد تأثر بيشاري كثيرا بهذا الجو. ويذكر بعض الفرنسيين أن شارل دي فوكو قد بقي سنة كاملة في زاوية الأبيض سيدي الشيخ وتأثر بالأجواء الصوفية وروحانية الإسلام. ومع ذلك حارب هذا الراهب - الجندي (شارل دي فوكو) بوعمامة، وساعد صديقه المارشال ليوتي على احتلال المغرب الأقصى. كما أنه استدرج أهل الطوارق لاعتناق المسيحية.
وزعم لويس ماسينيون أن الإسلام يتماشى مع (التيار الجديد) الذي أحدثه كتاب رينيه قينون - وهو (التقارب بين الأديان) - فركز ماسينيون أيضا على ذلك واهتم بالتصوف الإسلامي أو بنوع خاص منه وهو المغرق في الغموض والحلول مثل تصوف أبي منصور الحلاج، ونشر ديوان (الطواسين) الذي قيل إن ماسينيون قد فتح به للمسيحية المغلفة مغلقات العالم الروحاني الآخر. ودعا ماسينيون أيضا، إلى التقارب بين الأديان، وكون تلاميذ يؤمنون بهذا التيار، ومنهم ديرمنغام الذي تولى إدارة مكتبة قصر الحكومة في الجزائر، وأصدر عدة أعمال حول التصوف المسيحي، كما درس خصائص التصوف الإسلامي في المغرب العربي متماشيا في ذلك مع نفس المنظور، وهو التقارب بين الأديان وانفتاح بعضها على بعض.
أما الإسلام واليهودية، فقد ذكرنا سابقا أنهما تعايشا منذ قرون دون أن يضطهد أحدهما الآخر. فالإسلام يعترف بوجود الأديان، أديان أهل الكتاب، ويحفظ لها ولأهلها الكرامة والممارسة الحرة لشعائرها. وما وقع أحيانا بين المسلمين واليهود إنما حدث في عهد الاحتلال لأن الإدارة نفسها ساعدت على خلق التوتر بين السكان عامة. ومن جهة أخرى فإن ما حدث لم يكن بين الأديان وإنما بين السكان لأسباب اجتماعية واقتصادية وليست دينية فيما