للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحلة القس جيوكوبيتي. ودار بينهما نقاش حول العقائد في الأديان الثلاثة. وكان هذا القس مستعربا وداعية دينيا. وقد انتقده البعض بأنه اكتفى في حواره مع الشيخ ابن عليوة بالجوانب الجافة من العقائد. وأن نقاشهما لم يتحول إلى حوار ودي وتعاطف ديني (١). وكان بعض الفرنسيين يعالجون ابن عليوة ويناقشونه في المسائل الصوفية، وربما كانوا يؤثرون عليه لأغراض خاصة.

ويذكرون ملاقاة أخرى (ودية) نشأت بين الأستاذ هنري جاهبيي Jahbier والشيخ نور الدين عبد القادر. وكان جاهبيي مستعربا ورئيسا لجمعية القديس لوقا الطبية. ويبدو أن صداقته للشيخ عبد القادر قد أنتجت ثمارها. فقد فاجأ (جاهبي) الرأي العام الفرنسي بحديث عما في القرآن الكريم من أخبار عن السيدة مريم وعيسى (عليه السلام). وكذلك اشترك الاثنان في إصدار قصيدة ابن سينا في الطب (٢).

ويدخل الزواج المختلط في هذا التقارب الودي بين الأديان أيضا. فزواج امرأة فرنسية مسيحية من شيخ الطريقة التجانية فسره أصحاب هذه الدعوى لصالحهم. ذلك ان زواج أوريلي بيكار من الشاب أحمد التجاني سنة ١٨٧٢ في بوردو، قد عارضه الرسميون وباركته الكنيسة وعلى رأسها لافيجري. وقد قيل عندئذ ان أوريلي قد تعهدت بتطوير الطريقة وازدهارها وتنظيمها دون اعتناق الإسلام فيما يبدو، ويقول قوانار إنها ماتت وهي مطلوبة من الطريقة ومن القس بي Py، داعية إفريقية، وهي حاملة معها أسرارها إلى قبرها (٣).


(١) قوانار (الجزائر) مرجع سابق، ص ٣١٣. عن ابن عليوة انظر أيضا فصل الطرق الصوفية وبحث أوغسطين بيرك عنه. وكتاب لانق (الشيخ أحمد العلوي)، ط. بيروت، ١٩٧١، وهو مترجم عن الإنكليزية. وكان لانق من أتباعه.
(٢) منشورات كلية الآداب، ١٩٥٦.
(٣) قوانار، مرجع سابق، ٣١٣. وحياة أوريلي كتبتها مارث باسين M. Bassinne بعنوان (أوريلي التجاني: أميرة الرمال) باريس ١٩٢٥. وكذلك فريسون روش (جبل عمور)، باريس، ١٩٧٥. ولعل الإشارة إلى (أسرارها) أنها ماتت دون أن تعلن إسلامها.

<<  <  ج: ص:  >  >>