دخيلا على المجتمع الفرنسي المؤمن ببياض البشرة والتفوق العرقي والحضاري. أما عدم الشرعية في الميلاد فلعلها لم تكن على درجة كبيرة من الأهمية في ذلك المجتمع الذي هزته الثورة وقضت فيه على مقاييس النبل والأصالة. وقد درس إسماعيل في أحد ليسيات فرنسا، ولم يرجع إلى كايان إلا مرة واحدة بعد إنهاء الدراسة الثانوية. ومنذ العشرين من عمره اعتنق إسماعيل مبدأ السانسيمونية وتأثر بالحركة الرومانتيكية التي كانت تسيطر على الرأي العام الفرنسي.
وفي سنة ١٨٣٣ رافق أونفنتان إلى مصر لإقامة التجارب التشاركية التي يؤمن بها السانسيمونيون في المجتمعات المتخلفة. وقد تعرف على بعض الأصدقاء في مصر التي كان النفوذ الفرنسي فيها قويا أيام حكم محمد علي. واكتشف الإسلام هناك واعتنقه. وكان يؤمن ربما بأن السانسيمونية ستحقق له الربط بين الغرب والشرق، وأنها ستؤدي إلى التوفيق بين المسيحية والإسلام. ولما فشلت مهمة أونتان في مصر رجع (الجماعة) كل إلى ميدانه، فتوجه أصدقاء عربان إلى الجزائر ليحققوا فيها عن طريق الجيش الفرنسي ما عجزوا عن تحقيقه في مصر، لأن الجيش كان أداة هدم، وهم سيكونون أدوات بناء، في نظر (أبيهم) أونفنتان. أما عربان فقد بقي رجلا بسيطا (محقورا)، ومجرد مترجم عسكري بسيط. وتولى الكتابة لعدد من الجنرالات الذين وعدوه بالترقيات والمناصب العليا، ولكنهم لم يوفوا. وكان صاحب قلم سيال وأفكار واضحة، شارك بها في الصحف والتحقيقات التي أجراها، في الواحات والتيطري وقسنطينة. فكان الجنرالات وغيرهم (دوماس، الدوق دومال، بيدو) يوقعون على ما يكتبه عربان وينسبونه لأنفسهم.
كان إسماعيل عربان ربما هو أقرب الفرنسيين إلى المجتمع الجزائري. فهو بحكم اعتناقه لإسلام ومعرفته اللغة العربية، قد جعل نفسه واحدا من هذا المجتمع يحس بإحساسه ويفهم تقاليده، وهو من جهة أخرى سانسيموني، يؤمن بترقية المجتمع الأهلي وإخراجه من التخلف مع المحافظة على بعض قيمه في وجه الغزو الذي يتعرض له. وفي سنة ١٨٤٠ تزوج عربان من امرأة عربية من قسنطينة اسمها (جرمونة) وعاش معها فترة طويلة في