للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائر العاصمة وأنجب منها بنتا سماها (باية). وكان زواجه على يد القاضي المسلم، وعاش حياته مسلم العقيدة عربي المظهر واللسان. وكان محل تقدير الجزائريين، كما كان رؤساؤه الفرنسيون يحترمونه ويحتاجونه، ولكن بعضهم كانوا يسيئون إليه ويحتقرونه لاعتناقه الإسلام ولزواجه من عربية، ولون بشرته وميلاده غير الشرعي. ويبدو أنه ظل على إسلامه إلى أن أراد الزواج من امرأة فرنسية فكان عليه أن يعود إلى المسيحية ويتزوجها، وكان عمره إذاك خمسة وخمسين سنة. وقيل إنه أدخل ابنته في المسيحية أيضا (١).

شارك إسماعيل عربان في مختلف أوجه الحياة بالجزائر وفي فرنسا. وبالإضافة إلى الكتابات والترجمة. فإنه منذ ١٨٤١ عينوه مديرا للشؤون الجزائرية في باريس، ثم اشترك سنوات ١٨٤٢ - ١٨٤٥ في الحملات القامعة للمقاومة، ثم كلفوه بالشؤون العربية بوزارة الحربية سنة ١٨٤٥. ورغم ظهوره كليبرالي أثناء ثورة ١٨٤٨ الفرنسية، فإن بعض رؤسائه عاقه عن الترقي وتحقيق طموحه. وفي سنة ١٨٥٨ عينوه في وظيف بسيط - رئيس مكتب - بوزارة الجزائر عند إنشائها في باريس لأول مرة، ثم أصبح مستشارا ومقررا في مجلس الدولة سنة ١٨٦٠ وذلك هو أعلى منصب وصل إليه. وقد رافق الامبراطور في هذه السنة إلى الجزائر كمترجم. وكان هو صاحب الأفكار التي وردت في رسالة نابليون إلى الحاكم العام بيليسييه حول حكم الجزائر والعلاقة مع العرب، ثم رسالة نابليون إلى الحاكم العام ماكماهون بعد ذلك. ومن ثمة كان كل من يكره سياسة نابليون في الجزائر يصب جام غضبه على إسماعيل عربان، لأنهم لا يستطيعون مهاجمة الامبراطور مباشرة. ومن الذين هاجموا عربان بشدة د. وارنييه وكذلك بيليسييه وماكماهون، ولكنه كان لا يهاجم خصومه لأنه كان، كما يقول آخرون، معقدا من ميلاده ولونه، فكان يشعر بالوحدة وخيبة الأمل في طموحاته الشرعية. وقد توقع عربان ثورة


(١) آجرون (الجزائر الجزائرية من نابليون الثالث إلى ديغول)، باريس، ١٩٨٢، ص ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>