زواوة، منها معهد اليلولي ومعهد أحمد بن يحيى، وسافر (أي الوالد) إلى المشرق وتجول فيه، وتوفي سنة ١٩٤٣ عن ٩٦ سنة. كما أن والدة علي البوديلمي كانت من أصول صوفية إذ ترجع إلى سيدي علي الطيار بقرب برج بوعريريج. وكان والده مدرسا في زاويتهم بالمسيلة قرابة أربعين سنة، وكان له معاونون من العلماء والمرشدين.
أما علي البوديلمي نفسه فقد درس في زاوية أبيه بالمسيلة، ثم رحل إلى زاوية الهامل فقسنطينة حيث درس على ابن باديس والحبيباتني والطاهر زقوطة ويحيى الدراجي وغيرهم. ثم قصد تونس فدرس على مشائخ الزيتونة أمثال معاوية التميمي وأبي الحسن النجار، والطاهر بن عاشور. كما زار المغرب وأخذ علم الحديث هناك، وحصل على إجازات من شيوخه سواء في قسنطينة أو تونس أو في المغرب. وبعد رجوعه إلى زاويتهم بالمسيلة تولى التدريس بها ثم في غيرها مثل زاوية بوجملين، والجعافرة بزواوة، ثم اتجه غربا نحو غيليزان ثم مستغانم حيث درس وتتلمذ على الشيخ ابن عليوة الذي كان شاذليا - درقاويا. ولم يتفاهم مع خلفاء هذا الشيخ بعد وفاته سنة ١٩٣٤، ولذلك أسس البوديلمي زاوية خاصة به في تلمسان، وجعلها للتدريس والتصوف، كما فتح زوايا أخرى في غير تلمسان ومنها واحدة في وهران. وكان فتح الزوايا لا يتم إلا بموافقة السلطات الفرنسية طبعا! وقد كان الشيخ البوديلمي موظفا رسميا عندها منذ ١٩٤٢، كما ذكرنا. ولعل اهتمامه بالتصوف وقبوله الوظيف الرسمي هما اللذان حالا دونه ودون الانضمام إلى جمعية العلماء وبرنامجها الإصلاحي والتعليمي. ولنا أن نتصور أن الشيخ البوديلمي كان، رغم علمه، من خصوم جمعية العلماء. وقد كان نشاطه في تلمسان في الوقت الذي كان فيه الشيخ الإبراهيمي هناك ممثلا للجمعية (١). ولا نحسب أنهما كانا على وفاق، رغم أنهما من جهة واحدة.
(١) اعتقل الإبراهيمي سنة ١٩٤٠ في الوقت الذي توفى ابن باديس. ونفى الإبراهيمي إلى آفلو حيث بقي إلى ١٩٤٣ (سنة توظيف البوديلمي رسميا). انظر دراستنا عن الإبراهيمي في تلمسان في كتابنا أبحاث وآراء، ج ٣.