للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدفاع عن ظاهرة النبوة والرد على المستشرقين ومن سار في ركابهم، مثل طه حسين، حين شككوا في الشعر الجاهلي؟ إن الظاهرة القرآنية يتعرض لهذه القضية بوضوح. وهو يذكر مارجليوث وطه حسين بالإسم، ويقول الشيخ شاكر إن ابن نبي قد خرج من هذه القضية الأدبية - التاريخية إلى قضية تفسير القرآن نفسه. وقارن الأسلوب القرآني بأسلوب الأدب الجاهلي، وأوضح تفوق كلام الله (القرآن) في ذلك. ولو طبق المنهج الذي جاء به مرجليوث لانهار الدليل على تفوق القرآن وإعجازه. لكن من رأى شاكر أن هذه المسألة (المقارنة) خارجة عن إعجاز القرآن. ذلك أن غاية علم التفسير إنما هي (بيان معاني ألفاظ (القرآن) مفردة، وجملة مجتمعة، ودلالة هذه الألفاظ والجمل على المباني، سواء في ذلك آيات الخبر والقصص، وآيات الأدب، وآيات الأحكام، وسائر ما اشتملت عليه معاني القرآن. وهو أمر عن إعجاز القرآن بمعزل). وإذن ما هو إعجاز القرآن وكيف نتوصل إليه؟ يقول الشيخ شاكر: أما الأمر المرتبط بالشعر الجاهلي، أو بقضايا الشعر جميعا، والمتصل بأساليب الجاهلية وغير الجاهلية وأساليب العربية وغير العربية، ومقارنتها بأسلوب القرآن، فهو علم إعجاز القرآن ثم علم البلاغة (١).

عالج مالك بن نبي في (الظاهرة القرآنية) عدة قضايا، منها، كما قلنا، دلائل النبوة، وعلم التفسير، ومسألة إعجاز القرآن، ومقارنة النصوص القرآنية ببعض نصوص الكتب المقدسة الأخرى. ورد ابن نبي على بعض آراء المستشرقين في مسألة الأصول النفسية والأدبية للتراث العربي قبل الإسلام وصلته بالقرآن وإعجازه. واعتمد على بعض النظريات الحديثة وثقافته العلمية الواسعة وعلى بعض المذاهب النفسية والأدبية التي ظهرت منذ الحرب العالمية الأولى، من أجل إثبات نظريته في إعجاز القرآن ودلائل النبوة. وإذا نظرنا إلى كتاب (الظاهرة القرآنية) على أنه أول تأليف له ضمن سلسلة من


(١) (الظاهرة القرآنية)، مدخل محمود محمد شاكر، ط ٣، ١٩٦٨، ص ٨ - ١٠، وهنا وهناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>