للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريقة في لبنان. ولكن القادرية في الجزائر قد استمرت في فروع جديدة. حقيقة أنه لم يكن لها مركز رئيسي أو شيخ وحيد، لأن ولاء مقدميها كان دائما مربوطا بمركزها في بغداد. ومن الفروع القادرية التي نشطت في العهد الفرنسي فرع واد رهيو، وفرع منعة (الأوراس)، وفرع سوف (عميش)، وفرع كنته، وفرع ورقلة. وكانت زاوية ابن علي الشريف في آقبو قادرية أيضا. وقد كانت القادرية ممثلة في معظم المدن الرئيسية. ولم يظهر دورها السياسي من جديد إلا فيما كان من الشيخ الهاشمي وابنه عبد العزيز في سوف. أما ما عدا ذلك فقد كانت الزوايا القادرية قد دجنت، مثل غيرها، في أغلب الحالات.

ولعل للشيخ محيي الدين بعض التقاييد التي لا نعرفها في الطريقة وأصولها وتعاليمها، أو في التصوف عامة (١). والرجل الذي تساوت سمعته في الحرب والتصوف هو الأمير عبد القادر. ويعنينا هنا مؤلفاته في التصوف. ونحن نعلم أنه قد أضاف إلى القادرية التي تلقاها عن والده في الجزائر، الشاذلية والمولوية والنقشبندية التي تلقاها في المشرق بعد الهجرة. ومن شيوخه محمد الفاسي بمكة أثناء أداء فريضة الحج للمرة الثانية سنة ١٨٦٣. ونتيجة ذلك كتب قصيدته الصوفية الشهيرة (يا مسعود) (٢). ومن أشهر مؤلفات الأمير كتاب (المواقف) الذي يقع في ثلاثة مجلدات، وكان الأمير قد استغرق في التصوف منذ حجه، وقد اختلى في غار حراء أثناء مجاورته. وفي دمشق كانت له خلوة يتعبد فيها. وفي آخر سنواته ازداد تعمقا في هذا الباب، وكان يطالع أمهات كتب التصوف ومنها الفتوحات المكية وفصوص الحكم


(١) كان الشيخ محيي الدين من أبرز علماء وقته، وقد حج مع ابنه (الأمير) عبد القادر قبل الاحتلال. وكان شيخ علم في زاوية القيطنة. ثم قاد المقاومة ضد احتلال وهران، وأرسل الوفود لسلطان المغرب للدخول تحت طاعته لحمايتهم من الفرنسيين. ولكن دور ابنه عبد القادر في الحرب والتأليف قد غطى عليه. وإلى الآن لا وجد له ترجمة وافية.
(٢) كل ما يتعلق بالشعر الصوفي والتوسلات، انظر عنه فصل الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>