للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لابن العربي، الذي يعده شيخه الأكبر. ويبدو أنه قد تأثر به كثيرا في (المواقف) إذ بناها على نظريات شيخه، حسب العارفين بهذا الفن (١). وكان الأمير قد أرسل إلى قونية عالمين ثقتين لتصحيح الفتوحات المكية على النسخة الموجودة بخط مؤلفها ابن عربي. ويقول عمار الطالبي: (لا تخفى تبعيته (أي الأمير) لمحيي الدين بن عربي، وأنه من الذين أدركوا وفهموا الفهم الصحيح كتابه (فصوص الحكم) و (الفتوحات المكية). وهو يذكره كثيرا، ويشير إلى نصوص من مؤلفاته، ولكن ينفي هذا أن له أذواقا خاصة وفهوما ذاتية في هذا المجال) (٢).

وكتاب (المواقف) يضم ٣٧٢ موقفا، وقد طبع مرتين أولاها كانت في عهد ابنه محمد، أي سنة ١٩١١ (٣). وقد قدم الأمير كتابه بعبارات صوفية مغرقة ووشح ذلك بمقامة أدبية - خيالة عن معشوقة تشبه معشوقة ابن الفارض. وكل موقف من مواقفه تقريبا يبدأ بآية ذات معنى توحيدي أو صوفي، ثم يأخذ في شرح الآية شرحا صوفيا يغلب عليه الفكر الباطني الذي يعبر عنه بالأسرار والغيبة عن الشهود. وطالما عرض الأمير بأهل الرسوم وعلماء الظاهر الذين لا يدركون أسرار الوجود ولا الحقيقة الإلهية. وهو يستشهد لتفسيره آية الموقف الذي اختاره بآيات وأحاديث تزيد الصورة الصوفية التي يرسمها لمعانا وعمقا. وقد أورد عددا من المرايا التي حدثت له، وجاء بأخبار و (مواقف) حدثت له، يقظة أو مناما منذ كان بالجزائر، ولا سيما منذ حج ثانية. يقول الأمير في المقدمة: (هذه نفثات روحية، وإلقاءات سبوحية، بعلوم وهبية، وأسرار غيبية، من وراء طور العقول، وظواهر النقول، خارجة عن أنواع الاكتساب، والنظر في كتاب، قيدتها لإخواننا


(١) حدثني بذلك الأستاذ عمار الطالبي، وهو من المتخصصين في الفلسفة الإسلامية.
(٢) عمار الطالبي من رسالة خاصة بتاريخ ٨ رمضان ١٤١٥/ ٧ فبراير، ١٩٩٥. وقد بعث بها إلي: من الدوحة عاصمة قطر.
(٣) اعتمدنا على ط. ٢، دار اليقظة العربية، دمشق، ١٩٦٦. بعناية حفيده الأمير محمد سعيد بن الأمير علي بن الأمير عبد القادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>