للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى التسامح فيما لا يتعارض مع الدين. وملأ الكتاب بالشواهد على كون الإسلام ليس دين تعصب. وقد اعتبر الكمال، مثل الشيخ عبده، الجهاد الحقيقي هو الذي يكون ضد الجهل والفساد، وذهب أجرون أيضا إلى أن الكمال دعا مثل شيخه إلى نوع من المساواة بين الجنسين. وكان ذلك هو الموضوع المفضل عندئذ بين العصريين الذين يحتفلون بالروح الليبرالية للقرآن (١).

وقد توفي محمد الكمال في الخمسين من عمره، وكان غزير العلم متفتح العقل. وقد نشر أعمالا أخرى في هذا المجال سنعرض إليها. ومن ذلك رسالة السيوطي (الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض). ولعلها طبعت بعد وفاته (٢). وموضوعها يتماشى، كما يدل العنوان، مع قناعته الفكرية.

٧ - أوضح الدلائل في إصلاح الزوايا ببلاد القبائل: تأليف محمد السعيد بن زكرى. وهذا التأليف يدخل في نقد الأوضاع الاجتماعية والتعليمية عندئذ. فقد كانت بلاد الزواوة كثيرة الزوايا، وكانت تقاوم التدخل الفرنسي في شؤونها، وترتب عن ذلك نوع من التقوقع والجمود في برامجها وعقليات شيوخها. وكان ابن زكري من تلاميذ هذه الزوايا حيث قضى سنوات طويلة يتعلم القرآن فقط. وقد انتقد طريقة التعليم الإسلامي التي سادت إلى ذلك الحين ورآها غير مجدية، ودعا إلى التجديد في برامج الزوايا. وقد ذكر بالخصوص زاوية سيدي منصور، وتحدث عن شيوخها، ومنهم محمد الطاهر الجنادي والشيخ البوجليلي.

وقد رتب الكتاب على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، وفحوى الرسالة كلها هو التقريب بين الزواويين والفرنسيين بعد أن حدث بينهم ما حدث أثناء ثورة ١٨٧١، مما هو من وساوس الشيطان، حسب تعبيره. والشيخ بن ذكرى كان داعية وفاق بين (الفريقين) وقد وضحهما بقوله (وسكان الوطن القبائلي)


(١) أجرون (الجزائريون المسلمون) ٢/ ٩١٥ وكذلك هامش ١، ٢.
(٢) يذكر دبوز (نهضة) ١/ ١٢٨ أنها قد طبعت، ولكن دون ذكر السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>