بالعاصمة بعد رجوعه من إقامته الطويلة في سورية ومصر. والظاهر أن ثمن طبع الكتاب قد ساهم فيه أحد أثرياء العاصمة وهو محمد (مماد) المانصالي الذي يوجد اسمه في أول الكتاب. وقد ألف الزواوي كتبا صغيرة الحجم تذهب كلها هذا المذهب، وتساند الإصلاح وتدعو إلى تطهير الدين الإسلامي من الشوائب والبدع. منها:
١٩ - جماعة المسلمين: وكانت إقامة الزواوي بالجزائر قد طالت وتعرف على مشاكلها وضم ذلك إلى رصيده، في أحوال العالم الإسلامي. وفي نظره أن (جماعة المسلمين) هي الوحيدة الباقية للإسلام بعد إلغاء الخلافة وفقدان شروط القضاء. ونفهم من تقديمه لهذا الكتاب أنه كتب عملا موسعا في هذا الموضوع، ثم اختصره. ولذلك فإننا لا نملك إلا المطبوع منه، وهو في حجم صغير أيضا (١). وربما تكون بعض الكتب التي سنشير إليها ما هي في الواقع إلا فصول وأبحاث في هذا الصدد، نعني مما كتبه حول جماعة المسلمين المطول.
هاجم الزواوي في كتابه هذا دولة الموحدين لعقيدتها في المهدوية (فكرة الإيمان بالمهدي المنتظر التي بثها ابن تومرت). وذكر الزواوي أن عبارة (الحمد لله وحده) التي نبدأ بها الآن كتاباتنا موروثة عن الموحدين. وقد شبه رسالته في جماعة المسلمين برسالة ابن أبي زيد القيرواني في الفقه، ورسالة التوحيد للشيخ محمد عبده، ورسالة القشيري في التصوف. والواقع أن الزواوي كثيرا ما يخرج عن الموضوع إلى نقد السلطة الفرنسية وتسلطها على شؤون الإسلام في الجزائر وإهمالها لأمور التعليم العربي والدين والقضاء والحسبة. وفيه آراء شخصية هامة حول أوضاع الجزائريين في مختلف العهود، ومحاولات فرنسا التفريقية داخل الجزائر. ومن ذلك أن الفرنسيين أقاموا (المكاتب العربية) لكي تكون هي البلديات التي يحكم الفرنسيون من خلالها الشعب الجزائري، ثم ألغوها - بعد ١٨٧٠ - وأحلوا