للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصاريف الجامع الكبير بقسنطينة أن أستاذ المدرسة الملحقة بالجامع كان يتقاضى ثمانية وأربعين ريالا شهريا, ويبدو أن الباي محمد الكبير قد قام بمحاولة فريدة من نوعها، وهي تخصيص رواتب شهرية للأساتذة بقطع النظر عن الأوقاف. فبعد أن بنى مدرسة وجامعا في معسكر وأوقف عليهما الأوقاف خصص مبالغ مالية شهرية من ميزانية الولاية للمدرسين والمسمعين والطلبة. ورغم أن عبارة ابن سحنون الذي جاء بهذا الخبر غامضة فإنها تدل على أن الباي قد حرر العلماء من التقتير الذي كانت تجود به الأوقاف. وهذه هي عبارة ابن سحنون في هذا الصدد (أنه رتب المدرسين في الجوامع بوظائف يأخذونها من الأحباس (بيت المال؟) بعد أن كان العلماء لا ينتفعون من ناحية المخزن (الدولة) بشيء إلا من كان متوليا لخطة أو مستعملا في خدمة) وبذلك ازدهر التعليم وانبسطت رقعة الرزق أمام المدرسين وأقبلوا على القراءة بعد خمول وكثر الطلبة، كما يقول ابن سحنون، (وتشوق كل أحد للتدريس) بعد أن كان المدرسون قد اشتغلوا بالتجارة عن التدريس لقلة جدواه. وبذلك أيضا أزال الباي المذكور اختصاص بعض المغاربة (علماء المغرب الأقصى) المتقدمين في باب التدريس (١). ويبدو أن هذا كان شأن الدولة السابقة للعثمانيين في الجزائر. فقد أثبت الحسن الوزان أنه كان لمدرسي تلمسان على عهده (القرن العاشر) جرايات قارة، رغم أنه حكم كما عرفنا، بأن المدرسين كانوا من أفقر طبقات المجتمع.

وبالإضافة إلى ذلك كان المدرسون يتلقون مبالغ مالية أخرى في شكل هدايا أو عطايا في مناسبات معينة. وأهم هذه المناسبات هي شهر رمضان والعيدان (عيد الفطر وعيد الأضحى). فقد جاء في (التشريفات) أن الطلبة (العلماء) كانوا يتلقون في الحفلات حوالي مائة محبوب (٢). كما جاء في فيها أن القاضي الحنفي والمفتي المالكي كان كل منهما يأخذ شهريا خمسين


(١) ابن سحنون (الثغر الجماني)، مخطوط باريس، ورقة ١٢ وتدل عبارة ابن سحنون الأخيرة على وجود غيرة من علماء الجزائر نحو علماء المغرب الأقصى.
(٢) ديفوكس (التشريفات)، ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>