لديهم منذ قرون، مثل الحشائش والمشروبات وأنواع الثمار. وقد يطلب المريض منهم نصيحة حكيم تقليدي فيقترح عليه أكل شيء أو أخذ حمام، أو نحو ذلك. وليس هناك تلقائية عندهم لطلب الدواء من الحكيم الأوروبي. ولكن الدكتور ديركل أقر بأن الجزائريين قد أخذوا يغيرون من وضعهم ويقبلون بالتدرج على الطب الأوروبي. ولذلك نصح أن يتعلم الأطباء الفرنسيون لغة الأهالي لكسب ثقتهم (وقد فعل رجال الدين? المبشرون - ذلك)، ولاحظ أن الترجمة بين الحكيم والمريض لا تؤدي المقصود. وقد ربط ديركل بين صحة الشعب وحضارته إذ أن التأثير على الصحة يعني بالضرورة التأثير الحضاري عليه. والغريب أن ديركل لم ينصح بنشر الطب بين الشباب الجزائري لكي يعالج الجزائريون بعضهم بعضا. فاحتكار الطب كان من الظواهر الاستعمارية أيضا. وقد أقر ديركل أن هناك تقاليد اجتماعية، مثل دخول البيوت، لا بد من مراعاتها (١).
وقبل أن نتحدث عن العلاج نذكر أنواع الأمراض التي كانت شائعة. وقد حاول الفرنسيون دراسة المجتمع الجزائري وحصر هذه الأمراض سواء من اختلاطهم بالشعب أو برجوعهم إلى النصوص المكتوبة مثل مؤلفات ابن حمادوش (القرن ١٨ م). ومن الأمراض التي كانت شائعة: الجدري الذي كان يشوه الوجوه ويتسبب في وفيات كثيرة، كما كان يتسبب في عاهات كالعمى والصمم. وكان ينتشر بطريقة العدوى. وكانت لهذا المرض أوقات ينتشر فيها أكثر من غيرها. ومنها الكوليرا، وكانت تظهر من وقت إلى آخر أيضا. وقد ادعى الفرنسيون أنها انتقلت إلى فرنسا من إيران، ثم من فرنسا إلى الجزائر، سنوات ١٨٤٩ - ١٨٥١. ففي السنة الأولى انتشر المرض في الولايات الثلاث وتسبب في وفيات كثيرة (٧٨٢ من ١٠٤٢ إصابة). وكثيرا ما ربط الفرنسيون بعض الأمراض بالحج، ولذلك كانوا يجدون سببا في منعه تماما تفاديا للعدوى. وقد ادعوا أن مرض الكوليرا سنة ١٨٥٠ قد انتشر من
(١) ديركل (محاضرة عن الطب الفرنسي وموقف العرب منه)، انظر مجلة الجمعية الجزائرية ١٩٠٨) SGAAN)، ص ٢٢ - ٣٢.