للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدوا عدة كتب مخطوطة في الطب في الجزائر، لا سيما في قسنطينة مثل (تحفة الأريب عندما لا يحضر الطبيب) لمحمد الجيلاني، كما وجدوا رسالة في الطب لمحمد العياشي (أبو عبد الله). وقال إن كتاب داود الأنطاكي في الطب (التذكرة؟) كان كثير الانتشار في البلاد. وكان ليكليرك نفسه هو مكتشف آثار ابن حمادوش في الطب (١).

إلى سنة ١٩٠٨ تقريبا كان الجزائريون مبتعدين عن الفرنسيين في مجال الطب ولا يقصدون حكماءهم للعلاج لأن فكرة العداء والخوف كانت هي المسيطرة. إن الثقة كانت مفقودة بين الطرفين. وهذا رغم قناعة الكثير من الجزائريين بمعرفة الفرنسيين لأسرار العلوم الطبية. لقد كان عامة الجزائريين يعرفون أن الفرنسيين قد ربطوا بين عناصر ثلاثة: الاستعمار والدين والطب (٢)، ولم يكن من السهل عند الجزائريين الفصل بين الطب وغيره من ظواهر الاستعمار، رغم أن الفرنسيين كانوا يعزون موقف الجزائريين من أطبائهم إلى التعصب.

وفي هذه السنة (١٩٠٨) ألقى الدكتور ديركل محاضرة عن موقف العرب (الجزائريين) من الطب الفرنسي. فقال إنهم في نظره، يمرون على الحضارة الفرنسية (الطب منها) دون الالتفات إليها، فهم كالأشباح في العصور الوسطى. ونسب إلى الجزائريين الاعتماد على القدرية لأن كل شيء عندهم (مكتوب). وجاء الدكتور المذكور بنصوص قرآنية تؤكد كلامه في ظاهر الأمر. وأخبرنا أن الجزائريين ما يزالون يتعالجون بالأدوية المعروفة


(١) نفس المصدر، ص ٣١٧. من بين ما وجده منتشرا في الجزائر أيضا. كتاب (ذهاب الكسوف) في الطب، وهو من تأليف عبد الله بن عزوز المراكشي. انظر عنه الجزء الثاني من التاريخ الثقافي. وعن دور ليكليرك في التعريف بابن حمادوش انظر كتابنا (الطبيب الرحالة)، الجزائر ١٩٨٢.
(٢) انظر كتاب يافون تورين (المواجهات الثقافية)، ١٩٧١. وتشير بعض التقارير والآراء الفرنسية إلى أن الجزائريين كانوا يقصدونهم للعلاج منذ وقت مبكر، انظر لاحقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>