للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجراحين وتوفير جميع الوسائل للمحافظة على الصحة وتوفير العلاج والراحة للجنود. وجاء في ذلك النص أيضا ما على الطبيب أن يكون عليه من الانشراح أمام المريض والاحترام وطيب المعاملة، كما أن إجراءات الأمير خصصت للأطباء الأجور اللازمة والغذاء. ولم تكن هذه الإجراءات خاصة بالجيش بل شملت الشعب الذي حارب معه. ولاحظ الطبيب بيرتيراند أن الطب قد تخلف عند الجزائريين بعد الأمير عبد القادر، ومع ذلك فإنهم ظلوا يحترمون الطبيب احترامهم لعلمائهم.

وحين درس بيرتيراند تطور نظرة الجزائريين في الطب والعلاج، وجد أنهم فقدوا الكتب الطبية التي كانت لهم، وعوضوا ذلك بالأحجبة والحروز، وبقيت لديهم فقط أوراق مكتوبة في فوضى وتحتوي على نصائح علاجية، وهي تخلط بين الأدعية والطب. وللأهالي أسماء أعلام يعتبرونهم (أطباء)، مثل سيدي علي بن سليمان، وسيدي عبد الله بن باطو، وسيدي عبد الله بن العاصي، الخ. ويوجد عندهم الأحاديث النبوية التي يرجعون إليها في التطبب، وكتاب الهارونية الذي يضم نصائح وتعاليم علاجية، وكتاب داود المصري. وقد اعترف بيرتيراند أنه كان للجزائريين كتب في الطب، ولكن الاحتلال أدى إلى نهبها، فقد كان باي قسنطينة (صالح باي) قد أوقف عدة كتب في الطب على الزوايا، مثل التذكرة لداود الأنطاكي وكتاب (؟) أحمد زروق الفاسي. ولكنها اختفت بعد احتلال المدينة (١). ومن الكتب التي ما زالت شائعة عندهم في وقته كتاب البولي الذي يصف الحروف وحساب ايقش، وكان كثير الرواج.

وشاع عند العرب الإيمان بالخرافة وعقيدة المرابط، ورسخ عندهم وجود الجن في المرضى، وهو سبب معاناة المريض. وليس هناك سبيل إلى العلاج منه غير الحجاب الذي يحميه، وكلما حدث مرض أسرع صاحبه إلى المرابط (الطبيب) ليحميه منه بكتاب حجاب أو حرز. وشاعت أيضا. عندهم


(١) انظر فصل المنشآت الثقافية، فقرة المكتبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>