عبارة التوكل، فكل الأمور (مكتوبة) ومعزوة إلى إرادة الله، ولذلك كانوا لا ينفكون في رأيه يكررون عبارة (إن شاء الله). ومع ذلك قال بيرتيراند إن العرب (الجزائريين) قد اهتموا كثيرا بالحيوانات، ولا سيما الخيول والإبل لأن حياتهم متوقفة عليها ومتصلة بها، ونوه بكتاب دوماس (خيول الصحراء) الذي كتبه وجمع معلوماته أثناء وجوده في الجزائر، من العلماء والأعيان.
وكدليل على احترام العرب للأطباء وثقتهم فيهم ذكر بيرتيراند أن الجزائريين الذين اعتقلهم الفرنسيون ونفوهم إلى أماكن بعيدة مثل (سان مرغريت) قد قصوا على مواطنيهم، بعد إطلاق سراحهم، تجاربهم مع الأطباء الفرنسيين، ومن ذلك أنهم جاؤوا لزيارة هؤلاء الأطباء بعد تسريحهم اعترافا لهم بالجميل على علاجهم. وبنى بيرتيراند على ذلك فكرته القائلة إن الأهالي يرحبون - خلافا لما كان شائعا - بالأطباء الفرنسيين، لمصلحتهم البدنية، وحث على أن يدخل الطب الفرنسي أيضا مجال المهمة الحضارية التي تزعم فرنسا أنها جاءت بها. وها هم الجزائريون يدخلون الجيش الفرنسي، وها هم رؤساؤهم يعملون في الإدارة والقضاء، فلماذا لا يكون التأثير عن طريقهم، ففي نظره يجب الربط بين الطب والسياسة والنفوذ الفرنسي. إن على الأطباء الفرنسيين أن يلعبوا هذا الدور، عن طريق (التأثير المعنوي) لفائدة تمدين العرب ونشر النفوذ الفرنسي. ومن الأمثلة التي ذكرها بيرتيراند على (وحشية) الممارسات الطبية، طريقة الولادة، ونادى بالتخلص من هذه الممارسات وحث الأطباء الفرنسيين على دراسة تأثير تعدد الزوجات وتعاليم القرآن على الأهالي، سيما على المرأة (١).
...
(١) بيرتيراند، مرجع سابق، ص ٤٨، ٦٧، ٥٤٩، وهنا وهناك. ولهذا الطبيب كتابات أخرى حول الموضوع، منها: الكوليرا في الجزائر ١٨٤٩، ١٨٥٠، ١٨٥١. وأعمال الجمعية الطبية للجزائر ١٨٥٣، وأمراض العيون في الجزائر وعلاجها عند العرب، =