أشرنا إلى تأليف ريشاردو سنة ١٨٩٦، وهو عمل صغير الحجم تناول فيه أشهر الأمراض في الجزائر على عهده، وقد لخصها في ثلاثة، وهي: حمى المستنقعات، والزهري (السيفليس) والجدري. وكان حمدان خوجة في أول الاحتلال قد ألح على وجود بعض هذه الأمراض، مثل حمى المستنقعات لتنفير الفرنسيين من الاحتفاظ بالجزائر. ولكن الزهري والجدري جاءا مع الفرنسيين. وهناك أمراض أخرى جاءت معهم أيضا، ومن رأي الدكتور ريشاردو أن هناك أمراضا شائعة في الريف وأخرى في المدن، وأن لكل بيئة أطباءها الشعبين. واشتهرت في الريف أسماء مثل (بوموس)، وهو (الطبيب) المداوي بالوسائل المعروفة الحجامة والختان والكي. أما (بو عجب) فهو (الطبيب) الذي يستعمل الخرافات ويلجأ إلى السحر ونحوه كالأحجبة وخط الرمل. وهذان الطبيبان متنافسان على الفوز بالمريض وإظهار الشفاء. وكلاهما جاهل ولكن فيه فطانة. وكان أطباء المدن أيضا يلجأون إلى الخرافة، وهم طبعا غير الأطباء الفرنسيين. وقد ذكر ريشاردو مجموعة من الأمراض الأخرى وعلاجها الشائع عند الأهالي وكيف يمكن للطب الحديث أن يعالجها.
ولذلك أوصى في آخر كتابه بتوسيع التسهيلات الطبية للأهالي في البلديات، لأنه لاحظ أن المستفيدين من الطب هم الأوروبيون فقط. وطالب بجعل (الكينا) تحت تصرف الأهالي ضد حمى المستنقعات، ونصح بوضع بيان بالعربية لطريقة استعمال هذا الدواء، وكذلك نصح بنفس التسهيلات حول مرض الزهري، بإنشاء محطات علاجية لدى (الأطباء الاستعماريين). - هكذا التعبير الأصلي? لكي يوزعوا الجرعات اللازمة على المصابين من الأهالي. أما عن الجدري فقد نصح بالتلقيح ضده إجباريا. وأكد أن الأهالي
= ١٨٥٤، وملاحظات على البيئة بناحية ثنية الحد، ثم حول إنشاء المستشفيات العربية. وهناك غيرها. انظر مقالته لاحقا. وذكر بيرتيراند أن الجزائريين في وقته كانوا يعالجون بالأعشاب الآتية: الجنجلان والحرمل والسنوج، والزيت وجوزة الطيب الخ ..